المطلب الأول: المسألة المبني عليها: حكم لو سمّى المهر في نكاح الشغار لكل واحدة بشكل مستقل عن بُضع الأخرى
تمهيد:
إنَّ من عناية الفقهاء الاهتمام بدقائق المسائل، وما يتفرع عنها من فروع، وما ينبني عليها من أحكام، وفي هذا المبحث - بإذن الله- سنتطرق لفروع تتكلم عن حالات خاصة تفرعت من نكاح الشغار (١)، ولم تفسر به في الغالب.
نص البناء:
قال المصنف ﵀: [(فإن سموا) لكل واحدة منهما (مهرًا كأن يقول: زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك ومهر كل واحدة مائة أو) قال أحدهما (ومهر ابنتي مائة ومهر ابنتك خمسون أو أقل) منها (أو أكثر صح) العقد عليها (بالمسمى نصًا) قال في المجرد والفصول في المثال المذكور: المنصوص عن أحمد أن النكاح صحيح. وقال الخرقي: باطل قالا.
والصحيح الأول؛ لأنه لما لم يحصل في هذا العقد تشريك وإنما حصل فيه شرط، فبطل الشرط وصح، قال الشيخ تقي الدين: وفيه مخالفة للأصول من أربعة وجوه وذكرتها في الحاشية.
ومحل الصحة (إن كان) المسمى لكل واحدة منهما (مستقلاً) عن بضع الأخرى، فإن جعل المسمى دراهم وبضع الأخرى لم يصح كما تقدم، ومحل الصحة أيضًا إن كان (غير قليل حيلة) سواء كان مهر المثل أو أقل، فإن كان قليلاً حيلة لم يصح لما تقدم في بطلان الحيل على تحليل محرم، وظاهره إن كان كثيرًا صح ولو حيلة، وعبارة المنتهى تبعًا للتنقيح تقتضي فساده.
واعترضه المصنف في حاشية التنقيح كما أوضحته في حاشية المنتهى (ولو سمى) المهر (لإحداهما ولم يسم للأخرى صح نكاح من سمي لها)؛ لأن في نكاح المسمى لها تسمية وشرطًا فأشبه ما لو سمي لكل واحدة منهما مهر.
"فائدة".
لو قال: زوجتك جاريتي هذه على أن تزوجني ابنتك، وتكون رقبتها صداقًا لابنتك؛ لم يصح تزويج الجارية في قياس المذهب؛ لأنه لم يجعل لها صداقًا سوى تزويج ابنته، وإذا زوجه ابنته على أن يجعل رقبة الجارية صداقًا لها صح؛ لأن الجارية تصلح أن تكون صداقًا.
(١) الشغار: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه ابنته، وليس بينهما صداق متفق عليه. ينظر: المبدع في شرح المقنع (٦/ ١٥٠).