للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع: الخيار في الطلاق؛ وفيه ثلاثة مطالب:

[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: حكم لو شرط أحد الزوجين الخيار في النكاح]

تمهيد:

إنَّ من عناية الفقهاء الاهتمام بدقائق المسائل، وما يتفرع عنها من فروع، وما ينبني عليها من أحكام، وما يضاف إليها من أثر تلك المسائل على ما ينتج منها، وفي هذا المبحث - بإذن الله- سنتطرق لفروع تتكلم عن أثر الشروط الفاسدة في صحة النكاح وقوع الطلاق.

نص البناء:

قال المصنف : [من الشروط الفاسدة (إذا شرطا) أي: الزوجان (أو) شرط أحدهما (الخيار في النكاح) كقوله: زوجتك بشرط الخيار أبدًا أو مدة ولو مجهولة (أو) شرطا أو أحدهما الخيار (في المهر) بطل الشرط وصح العقد لما يأتي، وهل يصح الصداق ويبطل شرط الخيار فيه، أو يصح ويثبت فيه الخيار، أو يبطل الصداق؟ فيه ثلاثة أوجه أطلقها في الشرح (أو) شرطا أو أحدهما (عدم الوطء أو) شرطت … (وصح العقد)؛ لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد لا يشترط ذكره ولا يضر الجهل به فلم يبطله، كما لو شرط فيه صداقًا محرمًا، ولأن النكاح يصح مع الجهل بالعوض فجاز أن ينعقد مع الشرط الفاسد كالعتق (وإن طلق بشرط خيار وقع) طلاقه ولغا شرطه كالنكاح وأولى] (١).

دراسة البناء:

اختلف فقهاء الحنابلة في صحة عقد النكاح في شرط خيار النكاح على قولين:

القول الأول: يصح العقد ويبطل الشرط. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، والمرداوي، وابن قدامة، وغيرهم (٢).

القول الثاني: يصح العقد والشرط إذا اشترط الخيار. وهو اختيار ابن تيمية (٣).

صورة المسألة: كقوله: زوجتك بشرط الخيار أبدًا أو مدة ولو مجهولة (٤).

سبب الاختلاف: الذي يظهر لي - والله أعلم- أن القائل بصحة العقد وبطلان الشرط يرجع إلى أن الشروط الفاسدة لا تنافي سلامة العقد، وليس لها تأثير على العقد، وأن القائل بصحة العقد والشرط يرجع لمصلحة العقد، هذا والله أعلم.


(١) كشاف القناع (٥/ ٩٨).
(٢) ينظر: الإقناع (٣/ ١٩٣)، كشاف القناع (٥/ ٩٨)، الإنصاف (٨/ ١٦٦)، المغني (٧/ ٤٤٩).
(٣) ينظر: المستدرك على مجموع الفتاوى (٤/ ١٧٢)، الإنصاف (٨/ ١٦٦).
(٤) كشاف القناع (٥/ ٩٨).

<<  <   >  >>