للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الكلام في البناء]

نوع البناء: يظهر من نص البهوتي أن البناء لم يكن بلفظ صريح في المسألة المبنية.

الجامع بين المسألتين: جمع البهوتي بين المسألة المبني عليها والمسألة المبنية بباء التعليل، حيث أورد المسألتين في كتابين: كتاب النكاح وكتاب الحج، ولكنه ربط بينهما بإلحاق الباء في المسألة بقوله (بخلاف الحج)، وعند الرجوع للمسألة كان بينهما ترابط في الأحكام، وهي كالآتي:

في كتاب النكاح قال: ما أشير إليه بقوله: (ويجب على من يخاف الزنا) بترك النكاح (من رجل وامرأة) سواء كان خوفه ذلك (علمًا أو ظنًّا) لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصرفها عن الحرام، وطريقه النكاح (ويقدم حينئذ) وجب (على حج واجب نصًّا) لخشية الوقوع في المحظور بتأخيره بخلاف الحج (١).

والمسألة المحال إليها في كتاب الحج حيث قال: (ويقدم النكاح مع عدم الوسع) للنكاح والحج (من خاف العنت نصًّا)، وقوله: (ومن احتاج إليه) أي: ويقدم النكاح مع عدم الوسع من احتاج إليه لم أره لغيره، بل قال في المستوعب: وإن كان لا يخاف العنت فلا اعتبار بهذه الحاجة قولاً واحدًا. اهـ؛ لأنه لا تعارض بين واجب ومسنون (ويعتبر) في الاستطاعة (أن يكون له إذا رجع) من حجه (وما يقوم بكفايته وكفاية عياله على الدوام) لتضرره بذلك كالمفلس (ولم يعتبر ما بعد رجوعه عليها) يعني: ولم يعتبر على رواية ما يكفيه بعد رجوعه، فيعتبر إذن أن يكون له ما يقوم بكفايته وكفاية عياله إلى أن يعود، جزم به في الكافي والروضة وقدمه في الرعاية، قال في المبدع: فيتوجه أن المفلس ومثله أولى (٢).

وكذلك الجامع بين المسألتين: هو الوقوع في محظور شرعًا وهو الزنا، فإن النكاح يعتبر من المقاصد الضرورية شرعًا.

ويمكن القول: إن المسألة المبني عليها كانت العلة فيها (من يخاف على نفسه الزنا)، والعلة في المسألة المبنية علتان (من يخاف على نفسه الزنا)، و (عدم الاستطاعة على الحج) فوجه الاشتراك بينهما (من يخاف على نفسه الزنا)، فمتى وجدت العلة ترتب عليه الحكم بالتقديم في كل من النكاح والحج.

من صرح بالبناء من الحنابلة: وبعد دراسة البناء اتضح لي أن المسألتين المذكورتين في الإقناع، ولكن البهوتي ربط بينهما بالعلة المشتركة فيهما، ولم يبن ذلك الحجاوي، وهذا سبق للبهوتي ، فبناء على ذلك


(١) كشاف القناع (٥/ ٧).
(٢) كشاف القناع (٢/ ٣٨٩).

<<  <   >  >>