للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعرف على أحكام المسائل الجزئية المتنوعة إلا أنه قد يقع الإكثار والتوسع فيه؛ ويظهر أن من أسباب التوسع في التخريج والبناء:

١ - أن مذهب الإمام يؤخذ أكثره من أقواله وفتاويه، وهذا مما لا يمكن حصره عنه عادة؛ لأن ذلك يستدعي الإحاطة بما روي عن الإمام في تلك المسألة على جهته في كل وقت يسأل.

٢ - أن غالب الأئمة لم يصنّف كتابًا في المذهب، بل أخذ أكثر مذهبه من الأقوال والفتاوى (١).

٣ - كثرة نقل الروايات، والأوجه، والاحتمالات، والتخريج، والتفريع، حتى صار هذا عادة، وفضيلة في أهل التخريج، والتفريع؛ فمن لم يكن منه بمنزلة لم يكن عندهم بمنزلة (٢).

ثانيًا: من ضوابط التخريج عدم الفرق بين المسألتين:

التخريج نوع من القياس (٣)؛ فاشترط بعض الفقهاء لصحته عدم الفرق بين المسألة المخرّجة، والمسألة المخرّج منها؛ "ومتى أمكن الفرق بين المسألتين لم يجز له على الأصح التخريج، ولزمه تقرير النصين على ظاهرهما للفارق والمؤثر" (٤).

ولذا قال بعض المالكية: "فإذا كان إمامه أفتى في فرع بُني على علة اُعتبر فرعها في نوع الحكم: لا يجوز له هو أن يخرج على أصل إمامه فرعًا مثل ذلك الفرع .. فيحرم عليه التخريج حينئذ لقيام الفارق .. والضابط له ولإمامه في القياس والتخريج أنهما: متى جوزا فارقًا يجوز أن يكون معتبرًا حرم القياس، ولا يجوز القياس إلا بعد الفحص المنتهي إلى غاية أنه لا فارق هناك، ولا معارض، ولا مانع يمنع من القياس .. فإذا بذل جهده فيما يعرفه ووجد ما يجوز أن يعتبره إمامه فارقًا أو مانعًا أو شرطًا - وهو ليس في الحادثة التي يروم تخريجها- حرم عليه التخريج، وإن لم يجد شيئًا بعد بذل الجهد وتمام المعرفة جاز له التخريج حينئذ" (٥).

أما الشافعية فقد ذكروا أن على المخرّج أن يتأكد من "شرط التخريج المذكور عند اختلاف النصين: ألا يجد بين المسألتين فارقًا .. ومهما أمكنه الفرق بين المسألتين لم يجز له على الأصح التخريج،


(١) ينظر: صفة الفتوى (ص: ١٠٩)، الإنصاف (١٢/ ٢٧٠).
(٢) ينظر: صفة الفتوى (ص: ١٠٩)، المدخل المفصل (١/ ٢٦٩).
(٣) ولقد بينت العلاقة بين التخريج والقياس والبناء في الفرع الثاني ص: ٧٧.
(٤) صفة الفتوى (ص: ٢١، ٨٨)، وينظر: أدب المفتي والمستفتي (ص: ٩٨)، المسودة (ص: ٥٤٩).
(٥) الفروق، للقرافي (٢/ ١٠٧ - ١٠٨)، وينظر: تهذيب الفروق (٢/ ١٣١).

<<  <   >  >>