اختلف فقهاء الحنابلة في ثبوت الخيار للزوج إذا كانت زوجته قرناء وعفلاء على قولين:
القول الأول: أن القرن والعفل كلاهما (١) يمنع الوطء فيثبت خيار الفسخ بوجودهما. والقائلون بذلك: الخرقي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والحجاوي، والبهوتي، وغيرهم (٢).
القول الثاني: أن القرن يثبت به الفسخ، واختلفوا في العفل على وجهين:
الوجه الأول: أن العفل كالقرن يسد محل ولوج الذكر فيثبت خيار الفسخ للزوج. القائلون بذلك: الخرقي، وأبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ، والحجاوي، والبهوتي، وغيرهم (٣).
الوجه الثاني: أن العفل رغوة لا تسد محل ولوج الذكر، إنما تمنع لذة الوطء، فلا يثبت به خيار الفسخ للزوج. القائل بذلك: أبو حفص (٤)(٥).
والأرجح من هذين الوجهين: الوجه الأول، كما رجحه الحجاوي والبهوتي بقولهما:"ولا تعارض بين هذه الأقوال؛ لإمكان أن يكون مشتركًا بين هذه الأمور، فلذلك قال:(وعلى كل الأقوال يثبت به الخيار) لأنه يمنع الوطء المقصود من النكاح"(٦).
سبب الاختلاف: يرجع ذلك إلى: هل القرن والعفل يسد مجرى الذكر أم يمنع لذة النكاح؟ فمن رأى أن القرن والعفل كلاهما بمعنى واحد، وأنهما يسدان الولوج، يُثبت للزوج خيار الفسخ، ومن فرق بينهما وأن القرن غير العفل، حيث قالوا: إنَّ القرن يسد المكان، ويمنع المقصد الشرعي من النكاح وهو حفظ النسل، فيرون ثبوت الفسخ، ومن رأى أن العفل رغوة لا تمنع من مقصد النكاح إنما تمنع لذة النكاح، فلا يثبت له الفسخ؛ لأنه يمكن علاجه.
الأدلة:
(١) فسر معنى العفل بثلاث تفسيرات، فقيل: إنَّ العفل لحمة تسد الفرج، وقيل: إنَّه ورم يكون في الفرج يمنع من الإيلاج، وقيل: إنَّه رغوة تمنع من تمام اللذة، وكل من التفسيرات الثلاثة تدل على أنه عيب، كما صرح الحنابلة بأن اختلاف تفسيره لا يرفع الحكم بأحد التفسيرات، فإذًا هو عيب على أي تفسير فسرته إياه. ينظر: شرح زاد المستقنع (٥/ ١٦٥). (٢) ينظر: الإنصاف (٢٠/ ٥٠١)، المغني (٧/ ١٨٥)، الكافي (٣/ ٤٣)، شرح الزركشي (٥/ ٢٤٦)، كشاف القناع (٥/ ١١٠). (٣) ينظر: الإنصاف (٢٠/ ٥٠١)، المغني (٧/ ١٨٥)، الكافي (٣/ ٤٣)، شرح الزركشي (٥/ ٢٤٦)، كشاف القناع (٥/ ١١٠). (٤) ينظر: الكافي (٣/ ٤٣)، الهداية (ص ٣٩٤)، شرح الزركشي (٥/ ٢٤٧)، الشرح الكبير (٧/ ٥٦٧)، كشاف القناع (٥/ ١١٠). (٥) هو: عمر بن محمد بن رجاء، أبو حفص العكبري، أحد فقهاء الحنابلة، حدث عن: عبد الله بن أحمد، وقيس بن إبراهيم، وموسى بن حمدون، وغيرهم، وروى عنه جماعة، منهم: أبو عبد الله ابن بطة، كان رجلاً صالحًا شديدًا في السنة، مات سنة ٣٣٧ هـ. ينظر: تاريخ بغداد (١١/ ٢٣٩)، طبقات الحنابلة (٢/ ٥٦)، المقصد الأرشد (٢/ ٣٠٦). (٦) كشاف القناع (٥/ ١١٠).