ولزمه تقرير النصين على ظاهرهما معتمدًا على الفارق، وكثيرًا ما يختلفون في القول بالتخريج في مثل ذلك لاختلافهم في إمكان الفرق" (١).
أما عند الحنابلة فلا يختلف الأمر عن المذاهب السابقة فإن: "تخريج حكم إحدى المسألتين إلى الأخرى، وجعْل الروايتين في الموضعين مسألتين - لوجود الفرق بينهما نصًا واستدلالاً، ولوجود معنى يجوز أن يكون مستندًا للفرق- غير جائز، ولم يخرج التخريج" (٢)، ومن أجل ذلك صرح عدد من الحنابلة ببطلان البناء، وعدم صحته حيث وجد الفارق (٣)، وأن التخريج حينئذ يكون غلطًا (٤).
ومع هذا الاهتمام من عامة الفقهاء باشتراط عدم الفرق (٥): فإن في هذه المسألة خلافًا؛ حيث أشار بعض الأصوليين (إلى خلاف فيه)(٦)، وعلى هذا (لا يلزم من البناء وإجراء الخلاف الاستواء في التصحيح)(٧).
ومما يشير للقول الثاني أن بعض الفقهاء ذكر "التخريج على الجمع بين مختلفي الحكم" (٨)، ثم إن "الغالب في مثل هذا عدم إطباق الأصحاب على التخريج؛ بل منهم من يخرج، ومنهم من يبدي فرقًا بين الصورتين" (٩).
ثالثًا: مما يتعلق بضوابط التخريج (موافقته للمذهب):
(١) أدب المفتي والمستفتي، لابن الصلاح (ص: ٩٧ - ٩٨)، فتاوى ابن الصلاح (١/ ٣٥)، ونقله عن أبي عمرو: النووي في المجموع (١/ ٤٤)، وفي آداب الفتوى والمفتي والمستفتي (ص: ٢٩)، أسنى المطالب (٤/ ٢٨١)، الفتاوى الفقهية الكبرى، للهيتمي (٣/ ٦) و (٤/ ٣٠٣)، العقد التليد في اختصار الدر النضيد = المعيد في أدب المفيد والمستفيد (ص: ١٨٥). (٢) أحكام أهل الذمة (٣/ ١٣٦٥)، وتنظر: صفة الفتوى، لابن حمدان (ص: ٢١، ٨٨)، المسودة (ص: ٥٤٩)، مختصر التحرير (٤/ ٤٦٩). (٣) ينظر: تصحيح الفروع (٦/ ٤٢٩) و (٨/ ٣١٩)، المبدع (٤/ ٢٦٦)، الإنصاف (٥/ ٢٤٥). (٤) ينظر: شرح الزركشي (٥/ ٤٢)، الإنصاف (٨/ ٦٦، ٦٧) و (١١/ ٣٠٨ - ٣١٠). (٥) عند الحنفية خلاف، وتفصيل في جواز التخريج، وكيفيته، ومن يصلح له. ينظر: التقرير والتحبير (٣/ ٣٤٨). (٦) البحر المحيط (٨/ ١٤٢)، وينظر: التبصرة (ص: ٥١٢). (٧) الحاوي للفتاوي (١/ ٢٤٨)، الفتاوى الفقهية الكبرى (٣/ ٥). (٨) المجموع (١١/ ١٤٧ - ١٤٨). (٩) مغني المحتاج (١/ ١٠٦)، نهاية المحتاج (١/ ٥٠).