المطلب الثاني: المسألة المبنية الأولى: حكم انعقاد البيع بما عدَّه الناس بيعًا بأي لغة ولفظ كان
اختلف فقهاء الحنابلة في حكم انعقاد البيع بما عدَّه الناس بيعًا بأي لغة ولفظ كان على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن لفظ البيع ينعقد بلفظ مخصوص (١) محصور فيما ورد به الشرع، ولا يتعدى لغيره. ونقل ذلك المرداوي (٢).
القول الثاني: أن لفظ البيع ينعقد بكل لفظ يدل على المقصود دلالة واضحة. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، وابن قدامة، والمرداوي، وغيرهم (٣).
القول الثالث: أن لفظ البيع ينعقد بما عدَّه الناس بيعًا بأي لغة ولفظ كان. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية (٤).
سبب الاختلاف: أدلة كل قول، فهناك من استند إلى (الشرع، واللغة، والعرف)، من قال: لا ينعقد إلا باللفظ الصريح للبيع، استند إلى ما ورد في الشرع بلفظ معين لا يحيد عنه إلى لفظ آخر أو لغة أخرى، ومن قال: إنَّها تنعقد بكل لفظ أدى المعنى، نظر للفظ ومعناه في أي لغة تؤدي الغرض وينعقد به العقد، ومن قال: إنه لا يشترط لفظ معين ولا لغة معينة يرجع ذلك للعرف والعادة، هذا والله أعلم.
الأدلة:
أدلة القول الأول: أن لفظ البيع ينعقد بلفظ مخصوص محصور فيما ورد به الشرع، ولا يتعدى لغيره.
(١) ويقصد باللفظ المخصوص هو: بعتك، واشتريت، كما هو القول في الإنصاف (٤/ ٢٦١) "وعنه لا ينعقد بدون (بعت) و (اشتريت) لا غيرهما. ذكرها في التلخيص وغيره"، ولا ينعقد البيع إلا أن يقول البائع: قد بعتك، ويقول المشتري: قد قبلت. الإرشاد إلى سبيل الرشاد (ص: ١٩٢). (٢) ينظر: الإنصاف (٤/ ٢٦١). (٣) ينظر: الإقناع (٢/ ٥٦)، كشاف القناع (٣/ ١٤٦)، الكافي (٢/ ٣)، المغني (٣/ ٤٨٠)، المبدع في شرح المقنع (٤/ ٤)، الشرح الكبير (٤/ ٣)، الإنصاف (٤/ ٢٥٩). (٤) ينظر: الفتاوى الكبرى (٤/ ٧)، القواعد النورانية (ص: ١٥٥)، الأسئلة والأجوبة الفقهية (٤/ ٩).