للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال العراقي (١) : "القياس لغة: التقدير والتسوية، ومنه نقل اللفظ إلى القياس المصطلح عليه، لأن فيه مساواة الفرع للأصل" (٢).

خامسًا: المعنى الاصطلاحي للقياس عند الأصوليين:

واختلف الفقهاء اختلافًا كثيرًا في التعريف الاصطلاحي لمعنى القياس، وسبب اختلافهم: هل القياس فعل المجتهد أو هو دليل مستقل بذاته؟

فمن ذهب إلى أن القياس فعل المجتهد عبَّر في تعريفه بـ"الحمل" أو "الإثبات" أو "الإلحاق" وما في معناه (٣)، ومن ذهب إلى أن القياس دليلٌ بذاته، عبَّر في تعريفه بـ"الاستواء" أو "المساواة" (٤).

ومن تعريفات المذهب الأول (٥) القائلين بأن القياس فعل المجتهد:

ما ذكره القاضي أبو بكر (٦) واختاره جمهور المحققين: أنه حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهم، ا من إثبات حكم أو صفة، أو نفيهما عنهما (٧).

عرفه البيضاوي (٨) بأنه: إثبات حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علّة الحكم، فإذا لم توجد علّة حكم الأصل في الفرع لا يحصل إثبات حكمه فيه (٩).


(١) هو: ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي، ابن العراقي: قاضي الديار المصرية، وأخذ عن البرهان الأبناسي وابن الملقن والضياء القزويني وغيرهم، وبرع في الفنون، وكان إمامًا محدثًا حافظًا فقيهًا محققًا أصوليًّا صالحًا. من كتبه: "البيان والتوضيح لمن أخرج له في الصحيح وقد مس بضرب من التجريح"، و"فضل الخيل"، و"رواة المراسيل"، و"حاشية على الكشاف"، و"أخبار المدلسين"، توفي سنة: ٨٢٦ هـ. ينظر: الأعلام، للزركلي (١/ ١٤٨)، طبقات الحفاظ، للسيوطي (ص: ٥٤٨).
(٢) الغيث الهامع شرح جمع الجوامع (ص: ٥١٤)، الكوكب الساطع ومعه الجليس الصالح (ص: ٣٥١).
(٣) ينظر: المهذب في علم أصول الفقه المقارن (ص: ١٨٣٠)، الاجتهاد في مناط الحكم الشرعي دراسة تأصيلية تطبيقية (ص: ٣٧٩).
(٤) الاجتهاد في مناط الحكم الشرعي دراسة تأصيلية تطبيقية (ص: ٣٨٠).
(٥) يقصد بهم الجمهور.
(٦) هو: محمد أبو بكر بن الطيب بن محمد القاضي المعروف بالباقلاني، سمع أبا بكر القطيعي، وأبا محمد بن ماسي، روى عنه أبو ذر الهروي، وأبو جعفر محمد بن أحمد السمناني، والحسين بن حاتم. ينظر: الديباج المذهب (٢/ ٢٢٨)، الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة (٨/ ٣٥١)، تاريخ بغداد (٣/ ٣٦٤)، تاريخ الإسلام (٩/ ٦٥).
(٧) البرهان في أصول الفقه (٢/ ٥)، المستصفى (ص: ٢٨٠).
(٨) هو: أبو سعيد، عبد الله بن عمر بن محمد بن علي، ناصر الدين البيضاوي، القاضي، المفسر، كان علمًا بارزًا وذا مكانة علمية رفيعة، من مؤلفاته: أنوار التنزيل وأسرار التأويل في التفسير. توفي سنة ٦٨٥ هـ. ينظر: البداية والنهاية (١٧/ ٦٠٦)، الأعلام، للزركلي (٤/ ١١٠).
(٩) الإبهاج في شرح المنهاج (٦/ ٢٥٨٩)، نفائس الأصول في شرح المحصول (٧/ ٣٠٨٠).

<<  <   >  >>