[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: نظر الزاني إلى أم المزني بها وابنتها.]
تمهيد:
من المعلوم في الشريعة الإسلامية أنه يجوز للرجل النظر لمحارمه ولمن أراد خطبتها، ويرجو منها الإجابة، وفي مبحثنا هذا سنتطرق لحكم نظر الملاعن والموطوءة بشبهة بناء على نظر الزاني إلى أم المزني بها وابنتها.
نص البناء:
قال المصنف ﵀: [(فيحرم) على زان (١)(النظر إلى أم المزني بها و) إلى (بنتها)؛ لأنه ليس محرمًا لهما؛ (لأن تحريمهن بسبب محرم، وكذا (٢) المحرمة باللعان (٣) يحرم على الملاعن النظر إليها، (و) كذا (بنت الموطوءة بشبهة (٤) وأمها)؛ لأنه ليس محرمًا لهن] (٥).
دراسة البناء:
اتفق فقهاء الحنابلة أن نظر الزاني لأم المزني بها وابنتها محرم، والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، والمرداوي، وابن مفلح، وابن قدامة، وابن بلبان (٦)، وغيرهم.
سبب اتفاقهم: أن أم المزني بها وابنتها من الأجنبيات (٧) عن المزني؛ فيحرم النظر إليهم.
الأدلة:
ويمكن أن يستدل على هذا القول بعموميات أدلة تحريم النظر من الكتاب والسنة والمعقول:
(١) الزنا هو: فعل الفاحشة في قبل أو دبر. ينظر: المبدع في شرح المقنع (٧/ ٣٨٠)، الإقناع (٤/ ٢٥٠)، منتهى الإرادات (٥/ ١٢٠)، دليل الطالب لنيل المطالب (ص: ٣١٢). (٢) كذا: بالتحريك كلمتان على الأصل: كاف التشبيه، وذا الإشارة. ينظر: معجم لغة الفقهاء (ص: ٣٧٨). (٣) اللعان هو: شهادات مؤكدات بالأيمان مقرونة باللعن من جهة الزوج، وبالغضب من جهة الزوجة، قائمة مقام حد القذف في حق الزوج، ومقام حد الزنا في حق الزوجة. ينظر: المبدع في شرح المقنع (٧/ ٤١) الإقناع (٤/ ٩٥)، منتهى الإرادات (٤/ ٣٦٩)، الروض المربع (٣/ ٢٠٠). (٤) الموطوءة بشبهة: الشُبْهَةُ، مأخوذةٌ من الاشْتِبَاه. ومعنى الوطء بِشُبْهَةٍ: أن يُنَادِي الضريرُ امرأتَه، فتَأْتِيه امرأةٌ فيظُنُّها امرأته فيطؤها، أوْ يأتي الرجل فراشَه بالليل، فَيَرى عليه امرأةً يظُنُّها امرأتَه فيطؤها، ونحو ذلك. الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي (٣/ ٦٢٥) ومثل وطء الأجنبية لظنها الزوجة، أو وطء أمة الغير لظنها الملك، أو الوطء في النكاح الباطل لظنه حلالاً، كوطء الأخت من الرضاع جهلاً بالرضاع. ينظر: المطلع على دقائق زاد المستقنع «فقه الأسرة» (٥/ ١٨). (٥) كشاف القناع (٥/ ١٢). (٦) ينظر: الإقناع (٣/ ١٥٨)، كشاف القناع (٥/ ١٢)، الشرح الكبير على المقنع (٢٠/ ٣٨)، الإنصاف (٢٠/ ٣٨)، المبدع في شرح المقنع (٦/ ٨٦)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٢٤)، المغني (٧/ ٩٩). (٧) الأجنبية هي: البعيدةُ منه، يعني: ليست من أقاربه، قال الله ﷿: ﴿وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾، أي: البعيدُ. الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي (٣/ ٦٢٥).