للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المسألة المبنية الأولى: حكم توكيل الفاسق بالقبول لنفسه ولغيره]

اختلف الفقهاء في توكيل الفاسق بالقبول لنفسه ولغيره على قولين:

القول الأول: يصح توكيل الفاسق لنفسه ولغيره. والقائلون بذلك: ابن قدامة، والمرداوي، والحجاوي، واختاره أبو الخطاب، وابن عقيل (١).

القول الثاني: لا يصح توكيل الفاسق لنفسه ولغيره. والقائلون بذلك: ابن مفلح، واختاره القاضي، واحتمال عند ابن قدامة (٢).

سبب الاختلاف: الذي يظهر لي من كلام الفقهاء واختلافهم أن سبب الاختلاف في المسألة يرجع إلى: هل العقد يصح من الفاسق لنفسه ولغيره لو وكل؟ فمن قال: يصح عقد الفاسق، أرجع ذلك إلى أن نكاحه لنفسه يقبل، فكذا لو وكل في نكاح غيره، ومن قال: لا يصح عقد الفاسق، رأى أن النكاح لا يصح، ويفسد بفسوقه.

الأدلة:

أدلة القول الأول: يصح توكيل الفاسق لنفسه ولغيره:

يمكن أن يستدل على صحة توكيل الفاسق لنفسه ولغيره بعموم أدلة ولاية الفاسق في النكاح من الكتاب والمعقول:

أولا: من الكتاب:

قال تعالى: ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ﴾ [سورة النور: ٣٢].

وجه الاستدلال:

دلت الآية على خطاب لعامة المؤمنين، ولم يفرق بين العدل والفاسق، قال ابن القيم: "والعادة شاهدة بأن الرجل - ولو كان من الفساق- فإنه يحتاط لابنته ولا يضيعها، ويحرص على الخير لها بجهده، وإن قدر خلاف ذلك، فهو قليل بالنسبة إلى المعتاد، والشارع يكتفي في ذلك بالباعث الطبيعي" (٣).

ثانيًا: من المعقول:

• ألا يوجد عصرًا من الأعصار لم يخل من الفساق، يزوجون أولادهم الصغار (٤).


(١) ينظر: الإقناع (٣/ ١٧٤)، المغني (٧/ ٢٣)، كشاف القناع (٥/ ٥٧)، الإنصاف (٨/ ٨٤).
(٢) ينظر: المغني (٧/ ٢٢)، المبدع في شرح المقنع (٤/ ٣٢٦)، الفروع وتصحيح الفروع (٧/ ٣١)، الإنصاف (٨/ ٨٤).
(٣) زاد المعاد (٥/ ٤١٢).
(٤) المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (٢/ ٨٣).

<<  <   >  >>