اختلف الفقهاء في توكيل الفاسق بالقبول لنفسه ولغيره على قولين:
القول الأول: يصح توكيل الفاسق لنفسه ولغيره. والقائلون بذلك: ابن قدامة، والمرداوي، والحجاوي، واختاره أبو الخطاب، وابن عقيل (١).
القول الثاني: لا يصح توكيل الفاسق لنفسه ولغيره. والقائلون بذلك: ابن مفلح، واختاره القاضي، واحتمال عند ابن قدامة (٢).
سبب الاختلاف: الذي يظهر لي من كلام الفقهاء واختلافهم أن سبب الاختلاف في المسألة يرجع إلى: هل العقد يصح من الفاسق لنفسه ولغيره لو وكل؟ فمن قال: يصح عقد الفاسق، أرجع ذلك إلى أن نكاحه لنفسه يقبل، فكذا لو وكل في نكاح غيره، ومن قال: لا يصح عقد الفاسق، رأى أن النكاح لا يصح، ويفسد بفسوقه.
الأدلة:
أدلة القول الأول: يصح توكيل الفاسق لنفسه ولغيره:
يمكن أن يستدل على صحة توكيل الفاسق لنفسه ولغيره بعموم أدلة ولاية الفاسق في النكاح من الكتاب والمعقول:
دلت الآية على خطاب لعامة المؤمنين، ولم يفرق بين العدل والفاسق، قال ابن القيم:"والعادة شاهدة بأن الرجل - ولو كان من الفساق- فإنه يحتاط لابنته ولا يضيعها، ويحرص على الخير لها بجهده، وإن قدر خلاف ذلك، فهو قليل بالنسبة إلى المعتاد، والشارع يكتفي في ذلك بالباعث الطبيعي"(٣).
ثانيًا: من المعقول:
• ألا يوجد عصرًا من الأعصار لم يخل من الفساق، يزوجون أولادهم الصغار (٤).
(١) ينظر: الإقناع (٣/ ١٧٤)، المغني (٧/ ٢٣)، كشاف القناع (٥/ ٥٧)، الإنصاف (٨/ ٨٤). (٢) ينظر: المغني (٧/ ٢٢)، المبدع في شرح المقنع (٤/ ٣٢٦)، الفروع وتصحيح الفروع (٧/ ٣١)، الإنصاف (٨/ ٨٤). (٣) زاد المعاد (٥/ ٤١٢). (٤) المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (٢/ ٨٣).