المطلب الثاني: المسألة المبنية: نظر المعامل في البيع والإجارة لوجه وكفَّي المتعاملة
القول الأول: يباح النظر للوجه والكفين لحاجة. والقائلون بذلك: أبو يعلى، وابن مفلح، والبهوتي، والمرداوي، والرحيباني (١).
القول الثاني: يباح النظر إلى الوجه فقط. والقائلون بذلك: أبو الفرج (٢)، وابن المُنَجَّى، وابن قدامة (٣).
سبب الاختلاف: أن في المعاملات لا بدَّ أن يعرف كل من العامل والمتعامل الآخر، فلا يكون إلا بما يميزه؛ ولذلك اختلفوا في موضع النظر: هل يختص بالنظر للوجه أو للوجه والكفين؟
الأدلة:
أدلة القول الأول:: يباح النظر للوجه والكفين لحاجة.
استدلوا من المعقول:
أن من يتعامل مع المرأة - سواء ببيع أو إجارة أو قرض- يباح له النظر لوجهها ليعرفها حتى ترجع بالضمان في حال حصل عيب في السلعة، وينظر لكفيها لحاجة (٤).
قال أبو يعلى: في البائع تأتيه المرأة، فينظر في كفها ووجهها، … وأن الكفين ليسا بعورة (٥).
أدلة القول الثاني: يباح النظر إلى الوجه فقط.
استدلوا من المعقول:
أن البائع والمبتاع له النظر إلى وجه من يتعامل معها لتعيينها (٦)، ولكن يشترط لذلك أن يكون بلا شهوة.
الترجيح:
(١) الفروع (٥/ ١٠٩)، كشاف القناع (٥/ ١٣)، الإنصاف (٢٠/ ٤٤)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٢٥)، مطالب أولي النهى (٥/ ١٤)، دليل الطالب (ص: ٢٢١)، كشف المخدرات (٢/ ٥٨٠)، المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين (٢/ ٧٩). (٢) هو: عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي الجماعيلي الحنبلي، أبو الفرج، شمس الدين: فقيه أصولي محدث، من أعيان الحنابلة، وهو أول من ولي قضاء الحنابلة بها، سمع من أبيه وابن طبرزد وأبي القاسم الحرستاني وجماعة، وتفقه على عمه موفق الدين، وروى عنه: محيي الدين النووي، وتقي الدين بن تيمية، والبرزالي، والمزي، وغيرهم. له تصانيف، منها: "الشافي"، وهو الشرح الكبير للمقنع، في الفقه، توفي ٦٨٢ هـ. ينظر: الأعلام، للزركلي (٣/ ٣٢٩) معجم المؤلفين (٥/ ١٦٩). (٣) الشرح الكبير على المقنع (٢٠/ ٤٣)، الممتع في شرح المقنع (٣/ ٥٣٧)، عمدة الحازم في الزوائد على مختصر أبي القاسم (ص: ٤١٠). (٤) كشاف القناع (٥/ ١٣)، الإنصاف (٢٠/ ٤٣)، مطالب أولي النهى (٥/ ١٥). (٥) التعليق الكبير في المسائل الخلافية بين الأئمة، ت الفريح (١/ ١٤٣). (٦) عمدة الحازم في الزوائد على مختصر أبي القاسم (ص: ٤١٠).