[المطلب الثاني: المسألة المبنية: حكم شهادة الأعمى]
اتفق فقهاء الحنابلة أن شهادة الأعمى لا تزول بالعمى. والقائلون بذلك: الكوسج (١)، وأبو البركات، وابن مفلح، والمرداوي، والحجاوي، والبهوتي، والشَّيْبَاني (٢).
سبب الاتفاق: ليس من شروط الشهادة أن يكون الشاهد بصيرًا (٣)، وأن الأعمى فقد حاسة لا تخل بالتكليف، فلم يمنع قبول الشهادة منه (٤).
الأدلة:
استدلوا على ذلك بعموم أدلة الشهادة من الكتاب والمعقول:
أن الأعمى رجل عدل مقبول الرواية، فتقبل شهادته إذا تيقن الصوت كالبصير (٥).
وقال ابن عثيمين معلقًا على تفسير الجلالين:"إنَّ أهل الشهادة لا بدَّ أن يكون فيهم شروط، وهي: مسلمًا بالغًا عاقلاً عدلاً متكلمًا حافظًا"(٦)، ولم يقل ﵀ أن يكون بصيرًا، فهذا يدل على أن العمى ليس مخلاً بالشهادة.
(١) هو: إسحاق بن منصور بن بهرام، أبو يعقوب المروزي، سمع من: سفيان بْن عيينة، وَيَحْيَى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بْن الجراح، وأبي أسامة، وروى عنه: عبد اللَّه بْن أَحْمَد بن حنبل، وروى عنه: البخاري ومسلم فِي الصحيحين، وأبو زرعة، وأبو عِيسَى الترمذي، ومن تصانيفه: "المسائل" في الفقه، دوَّنها عن الإمام أحمد، توفي ٢٥١ هـ. ينظر: طبقات الحنابلة (١/ ١١٥ - ١١٣ - ١١٤ - )، تاريخ بغداد (٦/ ٣٦٠). (٢) ينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (٨/ ٤٠٨٢)، المحرر في الفقه (٢/ ٢٨٨)، المبدع في شرح المقنع (٨/ ٣١٩)، النكت والفوائد السنية على مشكل المحرر (٢/ ٢٨٨)، الإنصاف (١٢/ ٦١)، الإقناع (٤/ ٤٤١)، كشاف القناع (٦/ ٤٢٦)، نيل المآرب (٢/ ٤٧٨). (٣) ينظر: نيل المآرب (٢/ ٤٧٨). (٤) ينظر: المغني (١٠/ ١٧١)، شرح منتهى الإرادات (٣/ ٥٩٤)، مطالب أولي النهى (٦/ ٦٢٢). (٥) ينظر: المغني (١٠/ ١٧٠)، الشرح الكبير (٦٨٢) (١٢/ ٦٨)، مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (٨/ ٤٠٨٢)، المبدع في شرح المقنع (٨/ ٣١٩). (٦) ينظر: (تفسير ابن عثيمين - ابن عثيمين (١٤٢١ هـ)): https:// alathar.net/ home/ esound/ index.php• op=codevicoid=٩٣٠٥١