المطلب الأول: المسألة المبني عليها: الترجمة (١) لمن لا يحسن لسان الآخر في عقد النكاح.
تمهيد:
مما لا شك فيه أن الترجمة مطلب في التعاملات الحياتية لفهم الطرف الآخر، وما ينتج عن ذلك من أحكام، وفي هذا المطلب سندرس بعض الفروع التي تتناول هذا الجانب.
نص البناء:
قال المصنف ﵀: [(وإن كان كل منهما) أي: العاقدين (لا يحسن لسان الآخر ترجم بينهما ثقة يعرف اللسانين) قال الشيخ تقي الدين عن القاضي ولم يشترط تعدده، أي: الثقة الذي يترجم بين العاقدين، ويأتي في الشهادات: أن الترجمة عند الحاكم كالشهادة، فإذا كان القاضي لا يعرف لسانهما فلا بد في الترجمة عنده من رجلين عدلين (ولا بد أن يعرف الشاهدان اللسانين المعقود بهما) ليتمكنا من تحمل الشهادة لأنها على اللفظ الصادر منهما، فإذا لم يعرفاه لم يتأتَّ لهما الشهادة به (ويأتي حكم تولي طرفي العقد) في فصل: وإذا استوى وليان] (٢).
دراسة البناء:
اتفق فقهاء الحنابلة على أن العاقدين للنكاح إذا كان لا يُحسن كل منهما لسان الآخر فيترجم لهما من يعرف اللسانين. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، وابن قدامة، والرحيباني (٣).
سبب الاتفاق: أن الغاية من الترجمة هو أن يوضح المترجم للطرفين كليهما (العاقدين) ما يريده الطرف الثاني من أمور العقد وشروطه.
الأدلة:
يمكن أن يستدل على ذلك من السنة والمعقول:
أولاً: من السنة:
(١) الترجمة: نقل معنى الكلام من لغة إلى لغة أخرى، ويشترط فيها ثلاثة شروط: الأول: علم المترجم باللغتين جميعًا، بأن يعلم معنى المنقول منها، والمنقول إليها. الثاني: علمه بالموضوع؛ لأن العلم بالموضوع مهم بالنسبة للترجمة، فمن لم يكن عنده علم بالموضوع ربما يترجم اللفظ على غير المراد، وهذا غير العلم بالمعنى. الثالث: أن يكون أمينًا، فإن كان غير أمين فلا تقبل ترجمته. الشرح الممتع (١٥/ ٣٤٢). (٢) كشاف القناع (٥/ ٣٩). (٣) ينظر: الإقناع (٣/ ١٦٧)، كشاف القناع (٥/ ٣٩)، الشرح الكبير (٧/ ٣٧٣)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٣٢)، المغني (٧/ ٧٩)، مطالب أولي النهى (٥/ ٥٠).