المبحث الثالث: زوال المرض ودام الجنون؛ وفيه ثلاثة مطالب:
[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: حكم إذا زال المرض ودام الإغماء في كلا الزوجين]
تمهيد:
من حرص الشريعة الإسلامية تقنين الأحكام والحالات في النكاح مراعية مصلحة النكاح والابتعاد عن كل ما فيه ضرر للزوج والزوجة، وهذا ما سوف نتطرق إليه في هذا المبحث.
نص البناء:
قال المصنف ﵀: [(فإن زال المرض، ودام به الإغماء؛ فهو كالجنون) يثبت به الخيار؛ قاله في "الشرح". وعبارة الزركشي و"المبدع": فهو جنون (يثبت به الخيار)] (١).
دراسة البناء:
اتفق فقهاء الحنابلة أنه يحق للمرأة والزوج طلب الفسخ في حال دوام الإغماء (٢) في كلٍّ منهما. والقائلون بذلك: أبو الفرج، وابن قدامة، والبهوتي، والمرداوي، وغيرهم (٣).
سبب الاتفاق: لغياب العقل وغياب المسؤولية والتكليف المناط بالشخص المريض.
الأدلة:
يمكن أن يستدل على ذلك من المعقول:
• يمكن القول: إنَّ غياب العقل وامتداد هذا الغياب يسوغ إلحاق مريض الإغماء المستدام بالمجنون، بجامع امتداد العذر.
• يمكن أن نستدل كذلك بقاعدة: لا ضرر ولا ضرار، فكلا الزوجين يتضرر بحال صاحبه إذا أغمي عليه بشكل دائم، فأشبه حال المتوفي دماغيًّا لا يُرجَى شفاؤه.
(١) كشاف القناع (٥/ ١٠٧). (٢) وفي وقتنا الحاضر ما يسمى بالغيبوبة والموت الدماغي، فإنَّ منه درجات، منهم ما يمكث به المرض حتى الموت ولسنوات طويلة، فكل ذلك يُعدُّ من العيوب التي يسوغ بها فسخ النكاح من كلا الزوجين. (٣) ينظر: الشرح الكبير (٢٠/ ٤٨٢)، المبدع شرح المقنع (٧/ ٥٦٤)، المغني (١٠/ ٥٨)، كشاف القناع (٥/ ١٠٧)، الإنصاف (٨/ ١٩٥).