للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: الوكالة في ولاية النكاح؛ وفيه ثلاثة مطالب:

[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: هل الولي وكيل للمرأة؟]

تمهيد:

من عناية الشريعة الإسلامية بأمور المرأة أنها عنيت بمسائل الولاية والوكالة المتعلقة بنكاحها، وتفرع على ذلك فروع، سنتطرق في هذا المبحث إلى جزء منها، بمشيئة الله.

نص البناء:

قال المصنف : [(والولي (١) ليس بوكيل (٢) للمرأة)؛ لأنه لم تثبت ولايته من جهتها (ولو كان) الولي (وكيلاً) عنها (لتمكنت من عزله) كسائر الوكلاء، وإنما إذنها حيث اعتبر شرط لصحة تصرفه، فأشبه ولاية الحاكم عليها] (٣).

دراسة البناء:

اختلف فقهاء الحنابلة في كون الولي وكيلاً للمرأة على قولين:

القول الأول: أن الولي ليس بوكيل للمرأة في النكاح. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، الرحيباني (٤).

القول الثاني: أن الولي وكيل للمرأة في النكاح. والقائلون بذلك: ابن قدامة، وابن مفلح، والمرداوي، وغيرهم (٥).

سبب الاختلاف: الذي يظهر لي أن الخلاف في فهم معنى الوكيل والولي في النكاح، والله أعلم، فمن رأى أن الولي هو من له ولاية شرعية -كولي اليتيم وولي المرأة في النكاح- أرجع القول بأن الولي لا يكون


(١) الولي: من يتصرف لغيره بإذن الشارع. والولاية نوعان: عامة وخاصة.
فالعامة ولاية الحكام، كالقضاة مثلاً، فإن لهم ولاية عامة على الأموال المجهول مالكها، وعلى أموال اليتامى إذا لم يكن لهم ولي خاص، وعلى غير ذلك.
أما الولاية الخاصة فهي الولاية على اليتيم من شخص خاص، كولاية العم على ابن أخيه اليتيم، وجعلنا هذا وليًّا ولم نجعله وكيلاً؛ لأنه استفاد تصرفه عن طريق الشرع. الشرح الممتع (٨/ ١٢٩).
(٢) الوكيل: هو الذي يتصرف لغيره لعجز موكله. التعريفات (ص: ٢٥٤).
وقال ابن عثيمين أن الوكيل والوصي والناظر يستفاد ولايته من الطريق الخاص بالمالك. ينظر: الشرح الممتع (٨/ ١٣٠).
(٣) كشاف القناع (٥/ ٥٦).
(٤) ينظر: الإقناع (٣/ ١٧٤)، كشاف القناع (٥/ ٥٦)، مطالب أولي النهى (١٤/ ٤٨٣).
(٥) ينظر: المغني (٧/ ١٩)، الشرح الكبير (٧/ ٤٣٩)، المبدع في شرح المقنع (٦/ ١١٣)، الإنصاف (٨/ ٨٢)، نيل المآرب (٢/ ١٥١)، حاشية الخلوتي على منتهى الإرادات (٤/ ٢٩٣).

<<  <   >  >>