[المطلب الأول: المسألة المبني عليها: حكم زوال الولاية بالإغماء لمدة قصيرة]
تمهيد:
إنَّ من سماحة الشريعة الاهتمام بدقائق المسائل، وضبطها بعلة مشتركة بينها، وهو ما سوف نتطرق إليه في هذا المبحث، بمشيئة الله.
نص البناء:
قال المصنف ﵀: [(ولا تزول الولاية لإغماء) لقصر مدته عادة كالنوم، (ولا) تزول الولاية أيضًا بـ (العمى)، لأن الأعمى أهل للشهادة والرواية، فكان من أهل الولاية كالبصير (ولا) تزول الولاية أيضًا (بالسفه)(١)، لأن رشد المولى غير معتبر في النكاح، (وإن جنّ) الولي (أحيانًا أو أغمي) عليه (أو نقص عقله) أي: الولي (بنحو مرض) يرجى زواله، (أو أحرم) الولي بحج أو عمرة (انتظر زوال ذلك)، لأن مدته لا تطول عادة، (ولا ينعزل وكيلهم بطريان ذلك) أي: ما ذكر من الجنون أحيانًا والإغماء ونقص العقل بالمرض المرجو زواله والإحرام؛ لأنه لا ينافي الولاية] (٢).
دراسة البناء:
اتفق فقهاء الحنابلة أن الولاية لا تزول بالإغماء لمدة قصيرة. والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، والرحيباني، وابن مفلح، والمرداوي (٣).
سبب الاتفاق: قصر مدة الإغماء.
الأدلة:
استدلوا على ذلك من المعقول:
• تشبيه الإغماء بحالة النوم لقصر مدته في العادة (٤).
(١) السفه: «السفيه»: الجاهل الذي قل عقله، وجمعه: سفهاء. ويسمى السفيه سفيهًا لخفة عقله، ولهذا سمى الله- تعالى- النساء والصّبيان سفهاء في قوله تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ﴾ [سورة النساء: ٥]، لجهلهم وخفة عقولهم. وفي الاصطلاح: هو التبذير في المال والإسراف فيه، ولا أثر للفسق والعدالة فيه، ويقابله الرشد، وهو إصلاح المال وتنميته وعدم تبذيره. وهذا عند الجمهور، وهو المذهب عند الحنابلة. ينظر: موسوعة مصطلحات ابن خلدون والشريف علي محمد الجرجاني (٢/ ٢٢٥)، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية (٢/ ٢٧٤ - ٢٧٥). (٢) كشاف القناع (٥/ ٥٣). (٣) الإقناع (٣/ ١٧٢)، كشاف القناع (٥/ ٥٣)، مطالب أولي النهى (٥/ ٦٤)، الفروع وتصحيح الفروع (٨/ ٢١٧)، الإنصاف (٨/ ٧٥). (٤) ينظر: كشاف القناع (٥/ ٥٣)، مطالب أولي النهى (٥/ ٦٤).