للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: الكلام في البناء]

نوع البناء: يظهر من نص البهوتي أن البناء لم يكن بلفظ صريح في المسألة المبنية.

الجامع بين المسألتين: جمع البهوتي بين المسألة المبني عليها والمسألة المبنية بواو العطف، حيث أورد المسألة من كتاب الإقناع (١) (يباح النكاح لمن لا شهوة له) وعطف عليه مسألة أخرى (وتخليه من نوافل العبادة أفضل)، ومن المعروف في اللغة العربية أن واو العطف تعطف بين مشتركين فتكون العبارة: (يباح النكاح لمن لا شهوة له وتخليه إذن لنوافل العبادة أفضل)، والضمير في (تخليه) يعود على من لا شهوة له، فيكون حكم تخليه لنوافل العبادة الإباحة كنكاحه، ولكن فُضِّل التخلي لمقصد شرعي، وهو منع المرأة من الإحصان.

وكذا الجامع بين المسألة المبني عليها والمبنية هو اشتراكهما في صفة العلة الواحدة: (من لا شهوة له).

من صرح بالبناء من الحنابلة: هذه المسألة المبنية لم يتفرد بها البهوتي ، إنما نقلها عن الشيخ ابن قدامة ، حيث قال: "من لا شهوة له كالعنين والشيخ الكبير ففيه وجهان: أحدهما: النكاح له أفضل لدخوله في عموم الأخبار، والثاني: تركه أفضل، لأنه لا يحصل منه مصلحة النكاح، ويمنع زوجته من التحصن بغيره، ويلزم نفسه واجبات وحقوق لعله يعجز عنها" (٢).

صيغة ورود البناء عند فقهاء الحنابلة:

الصريحة:

- (ففيه وجهان) (٣) (٤).

- (وهو إحْدَى الروايتَين (٥)، أو الوَجْهَين) (٦).


(١) الإقناع (٣/ ١٥٦).
(٢) الكافي (٣/ ٤)، الممتع في شرح المقنع (٣/ ٥٣١)
(٣) ينظر: الكافي (٣/ ٤)، الممتع في شرح المقنع (٣/ ٥٣١)، الشرح الكبير على المقنع (٢٠/ ١٧)، العدة شرح العمدة (ص: ٣٨٧).
(٤) الوجه: فهو قول بعض الأصحاب وتخريجه، إن كان مأخوذًا من قواعد الإمام أحمد أو إيمانه أو دليله أو تعليله أو سياق كلامه وقوته. ينظر: الإنصاف (١٢/ ٢٥٦)، صفة الفتوى (ص: ١١٤)، المسودة (ص: ٤٧٤)، شرح الزركشي لمختصر الخرقي (١/ ٦٥، ٦٦، ٦٨)، مصطلحات المذاهب الفقهية وأسرار الفقه المرموز (ص: ٣٥٠).
وقال المرداوي: واعلم -رحمك الله- أن الترجيح إذا اختلف بين الأصحاب إنما يكون ذلك لقوة الدليل من الجانبين. وكل واحد ممن قال بتلك المقالة إمام يقتدى به، فيجوز تقليده والعمل بقوله. ويكون ذلك في الغالب مذهبًا لإمامه؛ لأن الخلاف إن كان للإمام أحمد فواضح، وإن كان بين الأصحاب، فهو مقيس على قواعده وأصوله ونصوصه. وقد تقدم أن "الوجه" مجزوم بجواز الفتيا به. الإنصاف (١/ ١٨).
(٥) الرواية: قد تكون نصًا، أو إيماءً، أو تخريجًا من الأصحاب، واختلاف الأصحاب في ذلك. ينظر: الإنصاف (١٢/ ٢٦٦).
(٦) الإنصاف (٢٠/ ١٣).

<<  <   >  >>