للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: المسألة المبنية الأولى: حكم تزويج الأب لابنته البكر دون تسع سنين بلا إذنها]

اتفق فقهاء الحنابلة على صحة تزويج الأب لابنته البكر دون تسع سنين بلا إذنها (١). والقائلون بذلك: الحجاوي، والبهوتي، وأبو الفرج، وغيرهم (٢).

سبب الاتفاق: المصلحة العامة، فإذا رأى الأب أن مصلحة الفتاة تقتضى تزويجها يشترط لذلك أن يكون زوجها كفؤًا يرعى مصالحها، ويقضي حوائجها، ويكون أهلاً للزواج منها.

الأدلة:

استدلوا من القرآن والسنة والإجماع:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: ﴿وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ [سورة الطلاق: ٤].

وجه الاستدلال:

دلت الآية على جعل عدة للائي لم يحضن، ولا تكون العدة ثلاثة أشهر إلا من طلاق أو فسخ في نكاح. فدل على أنها تزوج وتطلق، ولا إذن لها في الصغر فيعتبر (٣).

ثانيًا: من السنة:

عن عائشة، قالت: «تزوجني رسول الله وأنا ابنة ست سنين، ودخل علي وأنا ابنة تسع سنين، وكنت ألعب بالبنات» (٤).

وجه الاستدلال:

دل منطوق الحديث على فعل النبي ، وهو زواجه من عائشة في ست سنوات، فالمعلوم أن البنت في هذا السن لم يكن لها إذن يعتبر (٥).


(١) قال الإمام أحمد في إجابته عن إحدى المسائل بقوله: "إذا كَانَ أب وَلم تبلغ سبع سِنِين فتزويج الأب عَلَيْهَا جَائِز، وَلَا خِيَار لَهَا". مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (ص: ٣٢١).
(٢) ينظر: المبدع في شرح المقنع (٦/ ٩٨)، مختصر الإنصاف والشرح الكبير (مطبوع ضمن مجموعة مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، الجزء الثاني) (ص: ٦٤٥)، منار السبيل (٢/ ١٤٩)، المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد (٢/ ٥٧٤)، الإرشاد إلى سبيل الرشاد (ص: ٤١٩)، فتح الملك العزيز بشرح الوجيز (٥/ ١٧٥ - ١٧٦)، الشرح الكبير (٧/ ٣٨٦)، الإقناع (٣/ ١٧٠)، زاد المستقنع في اختصار المقنع (ص: ١٦٢)، الشرح الممتع (١٢/ ٦١).
(٣) ينظر: المغني (٧/ ٤٠)، فتح الملك العزيز بشرح الوجيز (٥/ ١٧٥).
(٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٥/ ٥٥) برقم: (٣٨٩٤) (كتاب مناقب الأنصار، باب تزويج النبي - صلى الله عليه- وسلم عائشة)، ومسلم في "صحيحه" (٤/ ١٤١) برقم: (١٤٢٢) (كتاب النكاح، باب تزويج الأب البكر الصغيرة).
(٥) ينظر: المبدع في شرح المقنع (٦/ ٩٨)، فتح الملك العزيز بشرح الوجيز (٥/ ١٧٦).

<<  <   >  >>