للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: من السنة:

عن أبي هريرة، أن رجلاً أتى النبي بجارية سوداء، فقال: يا رسول الله، إن علي رقبة مؤمنة، فقال لها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء بأصبعها، فقال لها: فمن أنا؟ فأشارت إلى النبي وإلى السماء، يعني: أنت رسول الله ، فقال: أعتقها فإنها مؤمنة (١).

وجه الاستدلال:

دل منطوق الحديث أن النبي أخذ بإشارة الجارية، وحكم عليها بأنها مؤمنة، فإن الإشارة تكون مكان اللفظ إذا كانت مفهومة، وكذلك في عقد النكاح من الأخرس.

قال عبد الله بن حنبل (٢): "سألت أبي عن الأخرس يتزوج، قال: إذا كان يفهم الإشارة أو يفهم ما يدرونه له من التزويج، وكذا إذا طلق أيضًا، قلت لأبي: فإن لم يدر ولم يفهم، قال: لا يتزوج" (٣).

ثالثًا: من المعقول:

• أن إشارة الأخرس المفهومة تقوم مقام نطقه (٤).

• أن النكاح معنى لا يستفادُ إلَّا من جهته، فتصحُّ بإشارتِهِ (٥).


(١) أخرجه أبو داود في "سننه" (٣/ ٢٢٧) برقم: (٣٢٨٤) (كتاب الأيمان والنذور، باب في الرقبة المؤمنة)، والبيهقي في "سننه الكبير" (٧/ ٣٨٨) برقم: (١٥٣٦٧) (كتاب الظهار، باب إعتاق الخرساء إذا أشارت بالإيمان وصلت)، وأحمد في "مسنده" (٢/ ١٦٥٧) برقم: (٨٠٢١) (مسند أبي هريرة ، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (١٢/ ٥٢١) برقم: (٤٩٩٠) (باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله مما يقضي بين المختلفين في الرقبة المؤمنة، هل يجزئ فيها من لم يصم ولم يصل ممن قد أقر بالإيمان؟)، والطبراني في "الأوسط" (٣/ ٩٥) برقم: (٢٥٩٨) (باب الألف، إبراهيم بن عبد الله أبو مسلم الكشي). قال الهيثمي: "رجاله موثقون". ينظر: مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (١/ ٢٣)، وقال الذهبي: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيح، رَوَاهُ جمَاعَة من الثِّقَات". ينظر: العلو للعلي الغفار (ص: ١٤).
(٢) هو: عبد الله ابن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل، أبو عبد الرحمن الشيباني، روى عن أبيه شيئًا كثيرًا، من جملته: المسند، والزهد، وروى عن يحيى بن معين، وابن أبي شيبة، وخلق غيرهما. وحدث عنه: النسائي، والبغوي، وأبو بكر النجاد، وغيرهم. كان دينًا صادقًا، صاحب حديث واتباع، بصيرًا بالرجال، ثقة صادق اللهجة كثير الحياء، له: الزوائد على كتاب الزهد لأبيه، وزوائد المسند. زاد به على مسند أبيه نحو عشرة آلاف حديث، والثلاثيات، والرد على الجهمية. مات ببغداد سنة ٢٩٠ هـ. ينظر: طبقات الحنابلة (١/ ١٨٠)، تاريخ بغداد (٩/ ٣٧٥)، الجرح والتعديل (٥/ ٧)، المقصد الأرشد (٢/ ٥).
(٣) مسائل الإمام أحمد رواية ابنه عبد الله (ص: ٣٤٠).
(٤) ينظر: كشاف القناع (٦/ ٤٥٣)، المغني (٧/ ٧٩)، الشرح الكبير (٧/ ٣٧٣).
(٥) ينظر: نيل المآرب (٢/ ١٤٤)، المغني (٧/ ٧٩)، الشرح الكبير (٧/ ٣٧٣).

<<  <   >  >>