ثانيًا: من السنة: عَنْ أَنَسٍ ﵁: «أن يهوديًّا رض رأس جارية بين حجرين، قيل: من فعل هذا بك، أفلان، أفلان؟ حتى سُمِّيَ اليهودي، فَأَوْمَتْ برأسها، فأخذ اليهودي فاعترف، فأمر به النبي ﷺ، فَرُضَّ رأسه بين حجرين»(١).
وجه الاستدلال:
دل الحديث أن إشارة الخرس العارض معتبرة وهي بمنزلة دعواها، وكذلك من كان خرسه أصليًّا فتعتبر إشارته، وقال الطحاوي: فجعل رسول الله ﷺ إشارته بمنزلة دعواها ذلك بلسانها من غير اعتبار دوام ذلك عليها مدة من الزمان، فدل على أن من اعتقل لسانه فهو بمنزلة الأخرس في جواز إقراره بالإيماء والإشارة (٢).
ثالثًا: من المعقول:
• أن الأخرس إذا عجز بخرسه عن العبارة أقامت الشريعة إشارته مقام عبارته (٣).
• أن الإشارة المعهودة للأخرس كالبيان باللسان (٤).
• أن البيع معنى لا يستفادُ إلَّا من جهته، فتصحُّ بإشارتِهِ (٥).
• أن إشارة الأخرس باليد أو بالعين أو الحاجب هي مثل بيان الناطق في بناء الأحكام عليها (٦).
• أن إشارة الأخرس معتبرة في كل تصرفاته ومعاملاته، وهذا من باب استحسان الضرورة لما قد يصيب الأخرس من ضرر وحرج لو لم تعتبر إشارته (٧).
(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٩/ ٧) برقم: (٦٨٨٥) (كتاب الديات، باب قتل الرجل بالمرأة)، ومسلم في "صحيحه" (٥/ ١٠٤) برقم: (١٦٧٢) (كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات، باب ثبوت القصاص فِي القتل بالحجر وغيره من المحددات والمثقلات وقتل الرجل بالمرأة). (٢) شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٨/ ١٥١)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (١٥/ ٤٨٢). (٣) المنثور في القواعد الفقهية (١/ ١٦٤). (٤) الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية (ص: ٣٠٢)، شرح القواعد الفقهية (ص: ٣٥١)، القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة (١/ ١٦٠). (٥) كشاف القناع (٥/ ٣٩). (٦) الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية (ص: ٣٠٢). (٧) الوجيز في إيضاح قواعد الفقه الكلية (ص: ٣٠٣).