للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: يجوز الخلوة بالأمرد الحسن ممن يؤتمن عليه: كأبيه وإخوته، وهو قول عند ابن تيمية (١).

سبب اختلافهم: وجود الفتنة، فمن وجد أن الفتنة بالأمرد قائمة مطلقًا حرم الخلوة بالأمرد، ومن قال: إنَّه إذا عدمت الفتنة ووجد من يؤتمن على الأمرد كأبيه وأخواته، ومن يكون أهلاً للثقة؛ صحَّ الخلوة بالأمرد.

الأدلة:

أدلة القول الأول: تحريم الخلوة بالأمرد الحسن مطلقًا.

يمكن أن يستدل عليه بعموم أدلة تحريم الخلوة بالأجنبية من السنة والمعقول:

أولاً: من السنة:

قال رسول الله : «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم (٢) منها؛ فإن ثالثهما الشيطان» (٣).

وجه الاستدلال:

دل الحديث على أنَّ في خلوة الرجل مع المرأة مشاركة للشيطان - وهو لا يوجد إلا للحث على فعل محرم - مما يدل على حرمة الخلوة بالمرأة، وفي المردان من يفوق النساء حسنًا وجمالاً، والفتنة به أعظم، مما يدل على تحريم الخلوة به.

ثانيًا: من المعقول:

١. أن الفتنة بالأمرد أشد من الفتنة بالعذراء (٤).


(١) قال ابن تيمية: ولا يجوز تقبيله على وجه اللذة بل لا يقبله إلا من يؤمن عليه: كالأب والإخوة. الفتاوى الكبرى (٣/ ٢٠٢).
(٢) ذو محرم: مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا مِنَ الْأَقَارِبِ: كَالْأَبِ، وَالِابْنِ، وَالْأَخِ، وَالْعَمِّ، وَمَنْ يَجْرِي مَجْرَاهُمْ. النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٣٧٢).
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (٦/ ٣٠٩٤) برقم: (١٤٨٧٧) (مسند جابر بن عبد الله ، والحاكم في "مستدركه" (١/ ١٦٢) برقم: (٥٨٥) (كتاب الطهارة، نهى أن يدخل الرجل الماء إلا بميزر)، وأورده ابن حجر في "المطالب العالية" (٢/ ٤٦٩) برقم: (١٧٩) (كتاب الغسل، باب الحمام وكراهية التعري)، وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (١/ ٣٥٠) برقم: (٢٤٩) (كتاب الوضوء، باب الزجر عن دخول الماء بغير مئزر للغسل)، وأخرجه الترمذي في "جامعه" (٤/ ٤٩٦) برقم: (٢٨٠١) (أبواب الأدب عن رسول الله ، باب ما جاء في دخول الحمام)، وأخرجه أبو يعلى في "مسنده" (٣/ ٤٣٥) برقم: (١٩٢٥) (مسند جابر). قال الحاكم في مستدركه (١/ ١٦٢): "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
(٤) ينظر: كشاف القناع (٥/ ١٦)، الفروع (٥/ ١١٣).

<<  <   >  >>