للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبب الاختلاف: يرجع الاختلاف - والله أعلم- إلى إجابة السؤال: هل العيب الطارئ بعد العقد مؤثر في مقصد النكاح؟ فمن رأى أن العيب الطارئ بعد النكاح مؤثر أرجع ذلك إلى الضرر، وأن العيب تعافه النفس، كيف لو كان بغيره فيدخل فيه العيب الحسي والمعنوي. وأما من قال: لا يثبت الفسخ بالعيب الطارئ، أرجع ذلك إلى أن العيب طارئ، ولم يغره الطرف الآخر، فلزم قبوله، ولا يصح الفسخ من الطرفين.

الأدلة:

أدلة القول الأول: يثبت الفسخ بالعيب الطارئ بعد العقد.

استدلوا على ذلك من المعقول:

• أنَّه عَيْبٌ في النِّكاحِ يُثْبِتُ الخيارَ مُقارِنًا، فأثْبَتَه طارئًا (١).

• نظرًا إلى أن الإنسان يعاف عيب غيره، ولا يعاف عيب نفسه (٢).

• أنه خيار لدفع ضرر متحقق (٣).

أدلة القول الثاني: لا يثبت الفسخ بالعيب الطارئ بعد العقد.

استدلوا على ذلك من المعقول:

• أنه عيب حدث بالمعقود عليه بعد لزوم العقد، أشبه الحادث بالمبيع (٤).

• لو حدث به عيب بعد العقد، لا يملك به الفسخ (٥).

الترجيح:

الذي يظهر - والله أعلم- أن الراجح هو القول الأول القائل بأنه: يثبت الفسخ بالعيب الطارئ بعد العقد إذا وجد في أحدهما العيب بعد العقد، وكان العيب مؤثرًا: إما معنويًّا من نفور وغيره، أو حسيًّا بعدم الاستمتاع أو حصول ضررٍ مباشر لأحدهما.

وهو المصحح في المُذهب كما ذكر ذلك المرداوي ، حيث قال: "وصحح في «المُذهب» ثبوت الخيار في البخر، واستطلاق البول، والنجو، والناسور، والباسور، والقروح السيالة في الفرج، والخنثى المشكل، وحدوث هذه العيوب بعد العقد" (٦).


(١) ينظر: المغني (١٠/ ٦٠)، الشرح الكبير (٢٠/ ٥١١).
(٢) ينظر: شرح الزركشي (٥/ ٢٤٤).
(٣) المغني (٧/ ١٨٨).
(٤) الشرح الكبير (٢٠/ ٥١١).
(٥) الإنصاف (٢٠/ ٥٠٧).
(٦) الإنصاف (٢٠/ ٥٠٦ - ٥٠٧).

<<  <   >  >>