للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال:

استدلوا بهذا الحديث على أن عورة الأمة كعورة الرجل ما بين السرة والركبة، " (يعني بقوله: عبده أو أجيره) الأمة، فإن العبد والأجير لا يختلف حاله بالتزويج وعدمه" (١).

أدلة القول الثاني: تحريم النظر للأمة الجميلة إذا خشي الافتتان بها.

ويمكن الاستدلال على ذلك بعموم الأدلة من الكتاب والسنة على تحريم النظر لوجه المرأة (٢).

أولاً: من الكتاب:

-قوله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٣١)[سورة النور: ٢٩ - ٣١].

وقبل ذكر وجه الاستدلال من هذه الآيات أنبه إلى أمرين:

الأول: ما هو المقصود بالزينة؟

قال القرطبي (٣) في تفسيره: الزينة على قسمين: خلقية ومكتسبة، فالخلقية: وجهها، فإنه أصل الزينة وجمال الخلقة، وأما الزينة المكتسبة: فهي ما تحاول المرأة في تحسين خلقتها به، كالثياب، والحلي، والكحل، والخضاب (٤).

الثاني: لقد ذكر الله الزينة في آيتين:

الآية الأولى: وهي ما جاء في قوله سبحانه: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾.

والآية الثانية: وهي قوله تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾.

فالآية الأولى تبين الزينة التي يجوز للمرأة إظهارها إذا كانت خارج بيتها، أو في مكان تتعرض فيه لرؤية الأجانب بدليل الآية بعدها: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾، وفي الآية الثانية بيان الذين يجوز للمرأة أن


(١) ينظر: السنن الكبرى، للبيهقي (٢/ ٣٢٠)، سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (٢/ ٣٧٣).
(٢) نقل ابن مفلح أن الأمة والقبيحة كالحرة والجميلة. ينظر: الفروع (٥/ ١١١).
(٣) هو: أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي، شمس الدين القرطبي، المفسر، كان زاهدًا عابدًا، من مؤلفاته: (الجامع في أحكام القرآن)، و (التذكرة بأحوال الموتى والآخرة)، توفي سنة ٦٧١ هـ. ينظر: طبقات المفسرين (٢/ ٦٥) والأعلام (٥/ ٣٢٢).
(٤) ينظر: تفسير القرطبي (١٢/ ٢٢٩).

<<  <   >  >>