للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال:

فسر سعيد بن المسيب (١) أن قوله تعالى: ﴿أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ﴾، "إنما يعني بذلك الإماء" (٢)، ويدل أن الزينة الغالبة ما يظهر من الأمة، فيكون النظر إليه مباحًا، وقال الجصاص (٣): "يجوز للأجنبي النظر إلى شعر الأمة وذراعها وساقها وصدرها وثديها" (٤).

يمكن أن يناقش الاستدلال:

أن وجه الاستدلال لما يظهر غالبًا من الأمة، ولم تتطرق الآية - لا من قريب ولا بعيد- لعورة الصلاة للأمة.

ويمكن أن يجاب:

أن ما يظهر من الأمة غالبًا هو ما يظهر منها في الصلاة سوى عورتها ما بين السرة والركبة.

ثانيًا: من السنة:

عمرو بن شعيب (٥)، عن أبيه، عن جده، عن النبي قال: «إذا زوج أحدكم عبده أمته أو أجيره، فلا ينظرن إلى عورتها، وفي رواية أخرى: فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة» (٦).


(١) هو: التابعي سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران القرشي المخزومي، أبو محمد المدني الإمام العلم الفقيه، عالم أهل المدينة وسيد التابعين، قال أحمد بن حنبل: أفضل التابعين سعيد بن المسيب، وكان ممن برز في العلم والعمل، وقال يحيى بن سعيد: كان أحفظ الناس لأحكام عمر وأقضيته، مات سنة ٩٣ هـ، وقيل: ٩٤ هـ. ينظر: معرفة الثقات (١/ ٤٠٥ - ٦١٦)، وطبقات الحفاظ (١/ ٢٥ - ٣٧).
(٢) تفسير القرطبي (١٢/ ٢٣٣)، تفسير ابن أبي حاتم (٨/ ٢٥٧٧).
(٣) هو: أحمد بن علي، أبو بكر الرازي الجصاص، درس على الكرخي، تفقه عليه: أبو بكر أحمد بن موسى الخوارزمي، وأبو عبد الله محمد بن يحيى بن مهدي الفقيه الجرجاني، وروى عن أبي عمر غلام ثعلب، وله من المصنفات: (أحكام القرآن)، وكتاب في أصول الفقه، وله جوابات عن مسائل وردت عليه، توفي يوم الأحد ٣٧٠ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء (١٧/ ٥٢٢)، الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٨٥).
(٤) أحكام القرآن، للجصاص (٣/ ٤١٠).
(٥) هو: عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي، روى عن: سالم مولى جده عبد الله بن عمرو، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وسعيد بن المسيب، وغيرهم، روى عنه: إبراهيم بن ميسرة الطائفي، وإبراهيم بن يزيد الخوزي، وأسامة بن زيد الليثي، وإسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وغيرهم، وقال البخاري: رأيت أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، وأبا عبيد، وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، ما تركه أحد من المسلمين، مات سنة ثماني عشرة ومائة بالطائف. ينظر: تهذيب الكمال (٢٢/ ٦٤).
(٦) أخرجه البيهقي في "سننه الكبير" (٢/ ٢٢٥) برقم: (٣٢٦٤) (كتاب الصلاة، باب عورة المرأة الحرة)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٩/ ٢٨٠) برقم: (١٧٢٨١) (كتاب النكاح، في قوله تعالى: ولا يبدين زينتهن)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ٣٣٢) برقم: (٧٢١٤) (كتاب الكراهة، باب نظر العبد إلى شعور الحرائر)، وقال الألباني: هو حديث حسن. ينظر: الإرواء (٦/ ٢٠٧).

<<  <   >  >>