وروى ابن عمر قال:«جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، ما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة»(١).
وجه الاستدلال: أن الحج عبادة تتعلق بقطع مسافة بعيدة، فاشترط لوجوبها الزاد والراحلة، كالجهاد (٢).
ويمكن أن يناقش: أن الحديث يدل على وجوب الحج بشرط وجود الزاد والراحلة، ولم يتطرق - لا من قريب ولا من بعيد- لمن خاف على نفسه العنت.
قال ابن تيمية ﵀:"فمناط الوجوب: وجود المال، فمن وجد المال وجب عليه الحج بنفسه أو بنائبه"(٣).
ثالثًا: استدلوا على ذلك من المعقول:
١. يشترط لوجوب الحج أن يكون لديه استطاعة ونفقة كافية له ولأسرته، وهو ما يحتاج إليه مثله من طعام وكسوة ومسكن (٤).
٢. أن الحج ركن من أركان الإسلام، فمن توفر له الزاد والراحلة صار في حقه واجبًا؛ فيقدم على النكاح المسنون.
٣. إذا اجتمع الواجب والسنة قدم الواجب، لأنه لا تعارض بين واجب ومسنون (٥).
٤. أن المعتبر في الاستطاعة أن تكون له ما يقوم بكفايته وكفاية عياله إلى أن يعود من حجة (٦)، فإذا كان هذا المعتبر فيقدم على النكاح المسنون لمن لا يخاف العنت.
(١) أخرجه الترمذي في "جامعه" (٢/ ١٦٦) برقم: (٨١٣)، (أبواب الحج عن رسول الله ﷺ، باب ما جاء في إيجاب الحج بالزاد والراحلة)، وابن ماجه في "سننه" (٤/ ١٤٣) برقم: (٢٨٩٦)، (أبواب المناسك، باب ما يوجب الحج)، والبيهقي في "سننه الكبير" (٤/ ٣٢٧) برقم: (٨٧١٥)، (كتاب الحج، باب بيان السبيل الذي بوجوده يجب الحج إذا تمكن من فعله)، والدارقطني في "سننه" (٣/ ٢١٧) برقم: (٢٤٢١) (كتاب الحج)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٨/ ٦١١) برقم: (١٥٢٨٧)، (كتاب المناسك، من كان يرفع صوته بالتلبية)، والطبراني في "الأوسط" (٥/ ١٩٠) برقم: (٥٠٤١)، (باب الميم، محمد بن النضر الأزدي)، وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. ينظر: جامع الترمذي (٢/ ١٦٦). (٢) المغني (٣/ ٢١٥). (٣) شرح عمدة الفقه (٤/ ٣٨). (٤) ينظر: شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (١/ ١٥٤). (٥) ينظر: كشاف القناع (٢/ ٣٨٩). (٦) ينظر: كشاف القناع (٢/ ٣٨٩).