للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الاستدلال: أن الآية تدل على فرضية الحج ووجوبه على الناس عامة، فقوله: (على الناس) عام يشمل كل الناس، وقوله: من استطاع بدل، وهو مخصص لعموم الناس، فلا يجب الحج إلا على المستطيع (١).

ثانياً: من المعقول:

١. أن من شروط الحج الواجبِ الاستطاعةَ، فإذا انتفى الشرط وخشى على نفسه الوقوع في المحظور بترك النكاح قدم النكاح في حقه؛ لوجوبه عليه في هذه الحالة (٢).

٢. أن من علم أو ظن أنه يقع في الزنا بترك النكاح يلزمه إعفاف نفسه عن الحرام، فيكون واجبًا في حقه، فيقدم على الحج الواجب لغير المستطيع إذا لم يكن لخشية وقوعه في محظور بتأخير النكاح (٣).

٣. أن النكاح لا غنى عنه، فهو كنفقته يحتاج إليها فيقدم على الحج غير المستطيع (٤).

٤. أن النكاح لا يبلغ الوجوب إلا بشرطين، وهما: أن تتوق نفسه، ويخاف العنت؛ فيقدم حينئذ على الحج غير المستطيع (٥).

أدلة القول الثاني: يجب تقديم الحج على النكاح لمن كان مستطيعًا للحج، ولا يخاف العنت، وليس له حاجه في النكاح (٦).

ويستدل على هذا القول من الكتاب والسنة والمعقول:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا﴾ [سورة آل عمران: ٩٧].

وجه الاستدلال: أن الآية تدل على فرضية الحج ووجوبه على الناس عامة، ولكنه ﷿ خص منهم المستطيع عليه.

ويمكن أن يناقش:

أن الآية على عمومها لم تخصص الذي لا يخاف العنت وليس له حاجة، وإنما خصت المستطيع للحج، وهو من شروط وجوبه.


(١) ينظر: أصول الفقه الذي لا يسع الفقيه جهله (ص: ٣٢٦).
(٢) في رواية أبي داود: على من يجب الحج؟ فقال: إذا وجد زادًا وراحلة، وقال - في رواية حنبل -: وليس على الرجل الحج إلا أن يجد الزاد والراحلة. شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (١/ ١٢٤).
(٣) ينظر: كشاف القناع (٥/ ٧)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٢٢).
(٤) ينظر: الشرح الكبير على المقنع (٨/ ٤٧)، المغني (٣/ ٢١٧).
(٥) ينظر: المبدع شرح المقنع (٧/ ٤).
(٦) ينظر: المستوعب (ص: ٤٨٠)، الفروع وتصحيح الفروع (٥/ ٢٣٧)، الشرح الكبير على المقنع (٨/ ٤٧)، الإنصاف (٨/ ٤٨) المبدع في شرح المقنع (٣/ ٨٩)، وقال ابن قدامة: وقيل: يقدم الحج. اختاره بعض الأصحاب، كما لو لم يخفه. المغني (٣/ ٢١٧).

<<  <   >  >>