-المسألة الأولى: البناء بالتشبيه لا يعني التماثل من كل وجه:
من الملاحظ لمن تتبع البحث أن التشابه بين المسائل لا يعني التماثل من كل وجه (١)، ويبقى هناك فروق بين المسائل المبنية والمبني عليها، ومن أمثلة ذلك:
-المثال الأول: ربط البهوتي ﵀ بين المسألة المبنية (حكم من أسقط شفعته قبل البيع برضًا منه) على (حكم سقوط خيار الشرط برضا الزوجة من قول أو تمكين) وبسبب مشترك من وجه واحد، وهو رضا كلٍّ من: الزوجة في سقوط الشرط المتقدم على عقد النكاح، وكذلك رضا الشفيع في سقوط الشفعة التي من حقه قبل البيع، فلا أثر لهذا الشرط السابق للعقد إذا تخلى عنه صاحبه (٢).
-المثال الثاني: ربط البهوتي ﵀ بين المسائل المبنية: (حكم لو كان المهر المسمى حيلة ولكنه كثير)، و (حكم لو سمّى المهر لإحداهما ولم يسمِّ للأخرى)، و (حكم لو جعل رقبة الجارية صداقًا لابنته)، والمسألة المبنية:(حكم لو سمّى المهر في نكاح الشغار لكل واحدة بشكل مستقل عن بُضع الأخرى) بالعلة المتماثلة من وجه واحد، وهو وجود المهر، فإن وجد المهر والرضا والكفاءة صح النكاح في كل الحالات بخلاف من عارض ذلك الوجه، حيث إنه يرى أن نكاح الشغار لا يصح مطلقًا، لا مع وجود المهر أو عدمه، هذا والله أعلم.
المسألة الثانية: علاقة هذا النوع من الشبه بالقياس:
الكلام عن الشبه يتفرع عنه الكلام عن القياس، فكلاهما من الصيغ التي تدل على البناء، فإن القياس في بعض صوره (٣) والبناء (٤) يتضمنان معنى الضم والجمع، والقياس هو "إثبات حكم معلوم في معلوم آخر لاشتراكهما في علة الحكم عند المثبت"(٥)، وعند تعريفنا للبناء -في مباحث سابقة- يظهر الارتباط بين القياس والبناء، وعلاقة الأصل والفرع في كل منهما.
ولذا فإن من ألفاظ البناء الواردة في البحث تعبير المصنف عن البناء بالقياس، ومن أمثلته:
(١) ينظر: تاج العروس (٣٩/ ٤١٣). (٢) ينظر: للمسألة من البحث ص: ٤٩٨. (٣) القياس إذا عُدّي بـ (على) تضمن معنى البناء، وإذا عُدّي بـ (إلى) تضمن معنى الضم والجمع. ينظر: جامع العلوم في اصطلاحات الفنون (٣/ ٧٦). (٤) ينظر: مقاييس اللغة (١/ ٣٠٢). (٥) ينظر: الإبهاج في شرح المنهاج (٣/ ٣)، نهاية السول شرح منهاج الوصول (ص: ٣٠٣).