للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد اختلف الناس في عدتها، فقال بعض الناس: أربعة أشهر وعشرًا، فهذه عدة الحرة، إنما هي عدة أمة خرجت من الرق إلى الحرية، فيلزم من قال: أربعة اشهر وعشرًا؛ أن يورثها، وأن يجعل حكمها أحكام الحرة؛ لأنه قد أقامها في العدة مقام الحرة" (١)، ونظائره في كتاب الكشاف كثيرة، ومنها:

-المثال الأول: ربط البهوتي بين المسألة المبنية (حكم تقديم الحج على النكاح) والمسألة المبني عليها (حكم تقديم نكاح من يخاف الزنى على الواجب)، ويمكن القول: أن المسألة المبني عليها كانت العلة فيها (من يخاف على نفسه الزنا)، والعلة في المسألة المبنية علتان: (من يخاف على نفسه الزنا)، و (عدم الاستطاعة على الحج)، فوجه الاشتراك بينهما: (من يخاف على نفسه الزنا)، فمتى وجدت العلة ترتب عليها الحكم بالتقديم في كل من النكاح والحج.

- المثال الثاني: جمع البهوتي بين المسألة المبني عليها والمسألة المبنية بباء التعليل، حيث أورد المسألتين في كتابين: كتاب النكاح وكتاب الحج، ولكنه ربط بينهما بإلحاق الباء في المسألة بقوله: (بخلاف الحج)، وعند الرجوع للمسألة كان بينهما ترابط في الأحكام، حيث قال في كتاب النكاح: "ما أشير إليه بقوله: (ويجب على من يخاف الزنا) بترك النكاح (من رجل وامرأة)، سواء كان خوفه ذلك (علمًا أو ظنًّا)؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه وصرفها عن الحرام، وطريقه النكاح، (ويقدم حينئذ) وجب (على حج واجب نصًّا) لخشية الوقوع في المحظور بتأخيره، بخلاف الحج" (٢).

والمسألة المحال إليها في كتاب الحج، حيث قال: " (ويقدم النكاح مع عدم الوسع) للنكاح والحج (من خاف العنت نصًّا)، وقوله: (ومن احتاج إليه) أي: ويقدم النكاح مع عدم الوسع من احتاج إليه، لم أره لغيره، بل قال في المستوعب: وإن كان لا يخاف العنت فلا اعتبار بهذه الحاجة قولاً واحدًا. اهـ.

لأنه لا تعارض بين واجب ومسنون (ويعتبر) في الاستطاعة (أن يكون له إذا رجع) من حجه (وما يقوم بكفايته وكفاية عياله على الدوام) لتضرره بذلك كالمفلس (ولم يعتبر ما بعد رجوعه عليها) يعني ولم يعتبر على رواية ما يكفيه بعد رجوعه، فيعتبر إذن أن يكون له ما يقوم بكفايته وكفاية عياله إلى أن يعود. جزم به في الكافي والروضة، وقدمه في الرعاية، قال في المبدع: فيتوجه أن المفلس ومثله أولى" (٣).

الصورة الخامسة: الإشارة إلى البناء بالتشبيه:


(١) ينظر: مسائل الإمام أحمد، رواية ابنه عبد الله (ص: ٣٦٩)، الجامع لعلوم الإمام أحمد (١١/ ٥١١).
(٢) كشاف القناع (٥/ ٧).
(٣) كشاف القناع (٢/ ٣٨٩).

<<  <   >  >>