للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-المثال الثاني: ربط البهوتي بين المسألة المبنية (حكم نظر المعامل في البيع والإجارة لوجه وكفَّي المتعاملة)، والمبني عليها (نظر الشاهد لوجه وكفَّي المشهود عليها) بالعلة الجامعة، وهو نظر العامل والشاهد للمشهود عليها وللمتعاملة لوجهها ليعرفها بعينها (١)، حيث قال: [(ولشاهد (٢) نظر وجه مشهود عليها (٣) تحملاً (٤) وأداء (٥) عند المطالبة منه لتكون الشهادة واقعة على عينها)، قال أحمد: لا يشهد على امرأة إلا أن يكون قد عرفها بعينها (ونصه وكفيها مع الحاجة) عبارة الإنصاف المنصوص عن أحمد أنه ينظر إلى وجهها وكفيها إذا كانت تعامله. انتهى.

وقد ذكرت كلام الشيخ تقي الدين في نقلي الروايات (٦) عن الإمام من الحاشية (٧)، وأن مقتضاه: أن الشاهد لا ينظر سوى الوجه؛ إذ الشهادة لا دخل لها في نظر الكفين.


(١) حيث قيد المرداوي النظر في المسألتين بالحاجة، فقال: "إباحة نظر هؤلاء مقيد بحاجتهما". الإنصاف (٢٠/ ٤٤).
(٢) الشاهد: في اللغة: عبارة عن الحاضر، وفي اصطلاح القوم: عبارة عمّا كان حاضرًا في قلب الإنسان، وغلب عليه ذكره، فإن كان الغالب عليه العلم فهو شاهد العلم، وإن كان الغالب عليه الوجد فهو شاهد الوجد، وإن كان الغالب عليه الحق فهو شاهد الحق. موسوعة مصطلحات ابن خلدون والشريف علي محمد الجرجاني (٢/ ٢٣١).
(٣) المشهود عليه: هو عدل. ففيه وجهان: أحدهما: يلزم الحاكم الحكم بشهادته; لأن البحث عن عدالته لحق المشهود عليه، وقد اعترف بها، ولأنه إذا أقر بعدالته، فقد أقر بما يوجب الحكم لخصمه عليه، فيؤخذ بإقراره، كسائر أقاريره.
والثاني، لا يجوز الحكم بشهادته: لأن في الحكم بها تعديلاً له، فلا يثبت بقول واحد. ينظر: المغني (١٤/ ٤٦)، الشرح الكبير على المقنع (٢٨/ ٤٨٤).
(٤) تحمل الشهادة: فالشهادة تطلق على "التحمل"، تقول: شهدت على فلان. بمعنى: تحملت. ينظر: الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي (٣/ ٨١٤)، المطلع على ألفاظ المقنع (ص: ٤٩٦).
والفقهاء تطرقوا لمسألة اشتراط الشهادة بلفظ معين كأشهد، فكان جوابهم أنه لا يشترط في أداء الشهادة بلفظ معين، بل تصح بكل لفظ دلّ على اليقين، واختار هذا شيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيم، وذكر أنه رواية عن أحمد، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : "إن اشتراط لفظ الشهادة لا أصل له في كتاب الله وسنة رسوله ، ولا قول أحد من الصحابة ، ولا يتوقف إطلاق لفظ الشهادة لغة على ذلك. وقال ابن عباس وغيره: المراد به التحمل للشهادة وإثباتها عند الحاكم، ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك لإثبات الحقوق والعقود، فكان واجبًا كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر". ينظر: وبل الغمامة (٨/ ٣٣٣ - ٣٣٥).
(٥) أداء الشهادة: فالشهادة تطلق على "الأداء"، تقول: شهدت عند الحاكم شهادة: أي أديتها. ينظر: الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي (٣/ ٨١٤)، المطلع على ألفاظ المقنع (ص: ٤٩٦).
(٦) يقصد بها: رواية جعفر بن محمد، ورواية حرب. ينظر: حواشي الإقناع (ص: ٤٤٧).
(٧) ولعل البهوتي يقصد بالحاشية هنا: كتابه حواشي الإقناع.

<<  <   >  >>