للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-المثال الثاني: ربط البهوتي بين المسألة المبنية: (البيع على بيع أخيه قبل لزومه) والمبني عليها: (خطبة المرأة على خطبة أختها قبل انعقادها) بالعلل المتماثلة التي من أجلها اتَّحد الحكم فيها بالتحريم، وهي التعدي على حق الغير، ففيه أذى للمسلم والإضرار به والإفساد، فإن كان كذلك فيحرم البيع والخطبة على الغير، حيث قال: " [(قال الشيخ ولو خطبت المرأة أو وليها الرجل ابتداء فأجابها فينبغي ألَّا يحل لرجل آخر خطبتها) لأنه إيذاء له (إلا أنه أضعف من أن يكون هو الخاطب) لأنه دونه في الإيذاء، ثم ذكر الشيخ مسألة وقع فيها في كلامه سقط كلمة، فتركها المصنف ثم قال الشيخ (ونظير الأولى) (١) وهي التي ذكرت لك في المتن (أن تخطبه امرأة أو) يخطبه (وليها بعد أن خطب هو امرأة، فإن هذا إيذاء للمخطوب في الموضعين، كما أن ذلك إيذاء للخاطب، وهذا بمنزلة (٢) البيع على بيع أخيه قبل انعقاد العقد (٣) أي: لزومه (وذلك كله ينبغي أن يكون حرامًا. انتهى). قال في المبدع: وظاهر كلامهم يقتضي جواز خطبة المرأة على خطبة أختها، وصرح في الاختيارات بالمنع، ولعل العلة تساعده" (٤).

البناء بالاقتران بمثله والمثل:

-المثال الأول: ربط البهوتي بين المسألتين المبنيتين: (حكم نظر ولمس من يخدم المريض من وضوء واستنجاء) و (حكم نظر ولمس من لا يحسن حلق عانته) والمسألة المبني عليها: (حكم نظر الطبيب ولمسه)، والمتأمل للمسائل السابقة يجد أن البهوتي قد جمع بين عدة مسائل ذات علة واحدة، ورتبها وبناها على بعضها ثم ذكر العلة بقوله: "لأنه موضع حاجة، وظاهره ولو ذميًّا" (٥)، فالمسألة المبني عليها هي نظر الطبيب ولمسه للمرأة، فمن المعلوم أن نظر الرجل للمرأة الأجنبية محرم، ولكن لأجل الحاجة يباح للطبيب مداواتها والنظر لموضع الحاجة منها حتى لو اضطر لرؤية عورتها، فتلحق المسائل المبنية على المبني عليها في الحكم إذا وجدت العلة، وهي الحاجة، وقد رجح حتى لو كان الطبيب ذميًّا فتتبعه المسائل في ذلك، حيث قال: " (ولطبيب نظر ولمس ما تدعو الحاجة إلى نظره ولمسه حتى ذلك فرجها وباطنه) لأنه موضع حاجة


(١) قال البهوتي - في حواشي الإقناع: "هنا مسألة محذوفة بين المسألتين، ولهذا لم يقل نظيرها".
(٢) المنزلة: مثله، وهي أيضًا المكانة. قال ابن فارس: التنزيل ترتيب الشيء. ينظر: المصباح المنير (٢/ ٦٠١)، مجمل اللغة (ص: ٤١٩).
(٣) أي: قبل انعقاد العقد، والتراضي فيما بينهم، والركون بين البائع والمشتري.
(٤) كشاف القناع (٥/ ٢٠).
(٥) كشاف القناع (٥/ ١٣).

<<  <   >  >>