للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما في (كما) فقد وضح الدكتور مكي الحسني في ذلك، ومما بينه: كما = ك + ما. الكاف للتشبيه بمعنى (مِثْل)، و (ما) مَصْدريَّة، فيكون: (كما) بمعنى (مِثْلما)، وتقع (كما) بين فِعلين متماثلين في بعض المواضع، كقوله تعالى: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [سورة الأحقاف: ٣٥]، وقوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ﴾ [سورة النساء: ١٠٤].

وجاء في الدعاء المأثور عن النبي : «اللهم صَلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صَلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم» (١).

ويتضح لي بعد قول الزركشي والدكتور مكي: أن (باء الالتصاق) تدل على تعليق الشيء بالشيء واتصاله به.

و (كما) تكون بين فِعلين متماثلين، وكلاهما يدل على التماثل وتعلق كلٍّ بالآخر والتشبيه به، وهو ما حصل في هذا البناء المتجاور.

موافقة البناء للمذهب: نعم، البناء موافق للمذهب (٢)، لأن القول المعتمد في المذهب التحريم، وقال أبو البركات: ولا يحل لأحد أن يبدي للمشتري في مدة الخيار مثل السلعة بدون الثمن ليفسخ ويشتري منه، وهو بيعه على بيع أخيه، ولا أن يزيد عليه ليفسخ البائع ويعقد معه، وهو شراؤه على شرائه، فإن فعلا ذلك فهل يصح البيع الثاني؟ على وجهين: [أحدهما: لا يصح البيع الثاني وهو المذهب] (٣). وباستخدامه لواو العطف في قوله: (وصرح في الاختيارات بالمنع ولعل العلة تساعده) (٤) وقد رتب الفرع على الحكم السابق له في المسألة المبني عليه كما بينت، هذا والله أعلم.


(١) نحو إتقان الكتابة باللغة العربية (ص: ٨٨ - ٨٩).
(٢) ينظر: الإقناع (٣/ ١٦١)، شرح منتهى (٢/ ٦).
(٣) المحرر في الفقه (١/ ٢٨٢).
(٤) كشاف القناع (٥/ ٢٠).

<<  <   >  >>