للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السبب الأول: اختلافهم في الأدلة المستدل بها، فمن استدل بقول النبي : «لا يخطب الرجل على خطبة أخيه» يرى أن النهي للتحريم، ومن استدل بقصة فاطمة بنت قيس (١) وقول النبي : انكحي زيدًا؛ فإنها أتت للاستشارة، وليس لها نية الرضا والركون لأحد ممن خطباها.

السبب الثاني: وجود الركون والرضا بين الطرفين، فيحرم دخول طرف ثالث على خطبة أختها، فإن لم يكن هناك ركون أو رضا بين الطرفين صحت خطبة المرأة على خطبة أختها أو رد أو أذن لها في ذلك.

الأدلة:

أدلة القول الأول: يحرم خطبة المرأة على أختها.

يمكن أن يستدل عليه من الكتاب والسنة والمعقول:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [سورة المائدة: ٢].

وجه الاستدلال:

دلت الآية على نهيه - سبحانه - عن التعاون على المعاصي والمنكرات، وكل ما فيه إِضرار بمصالح الأَفراد والجماعات، ويدخل في ذلك كل ظلم وتعدٍّ، ومن ذلك خطبة المرأة على خطبة أختها (٢).

ويكمن أن تناقش:

أن هذه الآية نزلت عندما صُد المسلمون عن البيت الحرام عام الحديبية (٣)، وليس في الخطبة.

ويمكن أن يجاب:


(١) هي: فاطمة بنت قيس القرشية، روت عن النبي ، وعنها: ابن عباس، وجابر ƒ، كانت عند أبي بكر المخزومي فطلقها فنكحت أسامة بن زيد. واجتمع أهل الشورى في بيتها لما قُتِلَ عمر ، وكانت من المهاجرات الأول. ينظر: معرفة الصحابة (٦/ ٣٤١٦) الإصابة (٨/ ٢٧٧).
(٢) ينظر: تنوير المقباس (ص: ٨٨)، التفسير الوسيط (٢/ ١٥٠).
(٣) الحديبية: بضم الحاء، وفتح الدال، وياء ساكنة، وباء موحدة مكسورة، وياء. اختلفوا فيها: فمنهم من شددها ومنهم من خففها، وهي قرية متوسطة ليست بالكبيرة، سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله تحتها، وقيل لشجرة حدباء كانت في ذلك الموضع، وبينها وبين مكة مرحلة، وبينها وبين المدينة تسع مراحل، وتعرف اليوم بالشميسي؛ لأن رجلاً يحمل هذا الاسم حفر هناك بئرًا فأطلق على تلك المنطقة، وليست من الحرم، وتبعد عن أنصاب الحرم حوالي (١، ٥) كيلاً، وعن المسجد الحرام قرابة (٢٥) كيلاً، وفيها مسجد حديث إلى جنب مسجد قديم هو اليوم خراب، معجم البلدان (٢/ ٢٢٩)، معجم الأمكنة (ص ١٨٠).

<<  <   >  >>