تدل الآية على وجوب غض البصر عن كل ما حرم الله، ومن ذلك النظر إلى الأمرد بشهوة، وقال ابن كثير ﵀: وقد قال كثير من السلف: إنهم كانوا ينهون أن يحد الرجل بصره إِلَى الْأَمْرَدِ، وحرمه طائفة من أهل العلم، لما فيه من الافتتان (١).
ثانيًا: من السنة:
واستدل أصحاب هذا القول: برواية عن الشعبي، قال:«قدم وفد عبد القيس على النبي ﷺ وفيهم غلام أمرد، ظاهر الوضاءة، فأجلسه النبي ﷺ وراء ظهره»، رواه أبو حفص (٢).
وجه الاستدلال:
يدل فعل النبي ﵇ بوضع الغلام خلف ظهره أن الأمرد إذا كان جميلاً، لم يجز تعمد النظر إليه، وفعل النبي ﵇ تشريع.
يمكن أن يناقش:
أن القول بأن فعل النبي ﵇ تشريع، فهذا لا خلاف فيه، ولكن الحديث موضوع، ولا أصل له، فكيف يستدل به على هذا القول.
يجاب على ذلك:
• أن الفقهاء ﵏ استدلوا بهذا الحديث، فجرى ذكره (٣).
• وأن الصحابة لا يعرفون هذه الفاحشة، فإن الواحد من هؤلاء لا يفرق بين نظره إلى ابنه وابن جاره وصبي أجنبي لا يخطر بقلبه شيء من الشهوة (٤).
(١) ينظر: تفسير ابن كثير (٦/ ٤٤) وقال البيهقي: كان يكره أن يحد النظر إلى الغلام الأمرد الجميل الوجه. ينظر: باب ما جاء في النظر إلى الغلام الأمرد بالشهوة، السنن الكبرى (٧/ ٩٩). (٢) لم أقف على تخريج الحديث، وإنما وقفت على حكمه حيث قال الألباني: "الحديث موضوع، وأورده السيوطي في ذيل الأحاديث الموضوعة"، من رواية الديلمي بإسناد واهٍ عن الشعبي عن الحسن عن سمرة قال: فذكره وزاد: "كان خطيئة داود ﵇ النظر"، وقال ابن الصلاح: "لا أصل لهذا الحديث"، وقال الزركشي: "هذا حديث منكر". ينظر: إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (٦/ ٢١٢)، البدر المنير (٧/ ٥١١)، التلخيص الحبير (٣/ ٣١٤). (٣) ينظر: المغني (٧/ ١٠٥)، الشرح الكبير على المقنع (٢٠/ ٤٨)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٢٦)، الفوائد المنتخبات (٣/ ٢٦٣)، منار السبيل (٢/ ١٤١). (٤) مجموع الفتاوى (١٥/ ٤١٨).