للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسائل على بعضها، وكاف التشبيه بقوله: (وكذا)، وهذا يدل على سعة علم الشيخ البهوتي في استخدام عدة أساليب في البناء، وما يترتب على وجود العلة، والجامع المشترك بين المسائل، وأثره في الحكم.

ومما يلحظ في منهجه أن البهوتي يربط بين المسائل فيبني بين السابق واللاحق، كما في هذا المبحث.

قول الأصوليين في صيغ البناء بواو وفاء العطف والتمثيل والتشبيه:

تقدم سابقًا قول الأصوليين في واو العطف وفاء العطف والتمثيل والتشبيه (١)، وارتباط المسألة المبني عليها والمبنية من حيث العلة، وما يترتب عليه الحكم بناء على ذلك.

والذي يهمنا في هذا المبحث هو التمثيل الذي ذكره البهوتي ومجموعة من فقهاء الحنابلة، حيث بنوا المسألتين: نظر ولمس الخادم والحالق - سواء كان مسلمًا أو ذميًّا في حالة الحاجة الملجئة لذلك - على مسألة الطبيب المسلم والذمي إذا احتيج له وكان له لفظ التمثيل الصريح، وأن المسائل بينهما ترابط، والذي يظهر أن هذا قياس التمثيل (٢) أو ما يسمى قياس الفقهاء.

قال ابن التلمساني (٣): "وقد علمت أن الفقهاء اصطلحوا على قصر اسم القياس على التمثيل، وهو الاستدلال بالجُزئِيِّ على الجُزئِيِّ؛ لاشتراكهما فيما لأجله شُرعَ الحكم" (٤).

موافقة البناء للمذهب: نعم، البناء موافق للمذهب (٥)، لأن فقهاء الحنابلة اتفقوا على حكم النظر في هذا المسائل بشكل متوافق، على أن إباحة النظر الطبيب المسلم والذمي والخادم ومن يحتاج لكشف العورة أمامه من الرجال، ويرجع ذلك لعلة واحدة في الغالب وهي الحاجة الملجئة والضرورة الملحة، وقد بينت ذلك في دراسة النص، حيث قال المرداوي: "من ابتلي بخدمة مريض أو مريضة في وضوء أو استنجاء أو غيرهما فحكمه حكم الطبيب في النظر والمس، نص عليه. كذا لو حلق عانة من لا يحسن حلق عانته. نص عليه. وقاله أبو الوفاء، وأبو يعلى الصغير" (٦). هذا والله أعلم.


(١) ينظر: ص ٣٧٣، ص ٢١٦، ص ٢٨٣، ص ٢٩١
(٢) قياس التمثيل: وهو: حمل جزئي على جزئي آخر في حكمه؛ لاشتراكهما في علة الحكم. ينظر: الاستدراك الأصولي دراسة تأصيلية تطبيقية (ص: ٤٤٢).
(٣) هو: عبد الله بن محمد بن علي، أبو محمد، شرف الدين الفهري التلمساني، أصله من تلمسان اشتهر بمصر، وتصدر للإقراء. وصنف كتبًا، منها: "شرح المعالم" في أصول الدين، و"شرح التنبيه" في فروع الفقه، سماه "المغني"، ولم يكمله، و"شرح خطب ابن نباتة"، توفي سنة ٦٤٤ هـ. ينظر: الأعلام، للزركلي (٤/ ١٢٥).
(٤) شرح المعالم في أصول الفقه (٢/ ٣٦٠)، مختصر التحرير شرح الكوكب المنير (٤/ ٤٢١).
(٥) ينظر: الإقناع (٣/ ١٥٨)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٢٥).
(٦) الإنصاف (٨/ ٢٢).

<<  <   >  >>