للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يميز هذا البناء التصريح بالعلة بين الفرعين ووجه التشابه بينهما في الحكم، ويمكن القول: إنَّ البهوتي سلك أحد مسالك العلة وهو السَّبرُ (١)، فهو حصر العلة في الافتتان بالأمة الجميلة والغلام الأمرد.

إنَّ البهوتي كان يذكر المسألة من الإقناع ثم يصرح بالعلة المشتركة بين المسألتين لتوضيح الترابط بينهما.

قول الأصوليين في حصر الحكم بوصف قائم:

قال الطوفي: اعلم أن للقياس أقسامًا باعتبارات: … ثم قال: "إنَّ طريق إثبات العلة المستنبطة، إما: المناسبة، أو الشبه، أو السبر والتقسيم، أو الطرد أو العكس، فالأول يسمى: قياس الإخالة، ومعناه: أن المجتهد يتخيل له مناسبة الوصف للحكم، فيعلقه به، والثاني قياس الشبه، والثالث قياس السبر، والرابع قياس الطرد" (٢).

قال الزركشي: نقل إمام الحرمين عن القاضي أن السبر والتقسيم من أقوى ما تثبت به العلل (٣).

ويمكن القول: إنَّ ترتيب الحكم على صفة مشتركة بين المسألة المبنى عليها والمسالة المبنية يعد بناءً.

موافقة البناء للمذهب: نعم، البناء موافق للمذهب، مع أن المسألة مختلف فيها بشكل عام، ولكن التحريم قائم على العلة، فإن وجدت العلة وهي الافتتان حرم النظر، وإن لم توجد فيباح النظر، وهو ما عليه غالبية فقهاء المذهب (٤) كما بينت في دراسة المسألة المبنية والمبني عليها، وقد نص ابن تيمية على قول الإمام أحمد بقوله: "قال المروذي: قلت لأبي عبد الله -يعني أحمد بن حنبل -: الرجل ينظر إلى المملوك، قال: إذا خاف الفتنة لم ينظر إليه، كم نظرة ألقت في قلب صاحبها البلاء" (٥).


(١) السبر في اللغة: الاختبار، ومنه سمي المسبار وهو الميل الذي تختبر به الجراح. والتقسيم في اللغة: التجزئة.
وفي الاصطلاح: يطلق مجموع اللفظين على مسلك من مسالك العلة، وهو يعني: حصر الأوصاف وتصلح للعلية في بادئ الرأي، ثم إبطال ما لا يصلح منها فيتعين الباقي. ينظر: نفائس الأصول في شرح المحصول (٨/ ٣٣٥٨ - ٣٣٥٩)، نهاية الوصول في دراية الأصول (٨/ ٣٣٦١).
(٢) شرح مختصر الروضة (٣/ -٢٢٤ - ٢٢٣).
(٣) البحر المحيط في أصول الفقه (٧/ ٢٨٩).
(٤) الإقناع (٣/ ١٥٨)، شرح منتهى الإرادات (٢/ ٦٢٦)، المغني (٧/ ١٠٣)، مطالب أولي النهى (٥/ ١٣)، مختصر الإفادات في ربع العبادات والآداب وزيادات (ص: ٤٠٥)، الفوائد المنتخبات (٣/ ٢٦٣)، الهداية (ص: ٣٨٢).
(٥) مجموع الفتاوى (١٥/ ٣٧٤)

<<  <   >  >>