للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد النظر في المسألة المبني عليها والمسائل المبنية وجدت أن البهوتي كان يذكر المسألة من الإقناع ثم يعلل سبب الحكم، فيربط المسائل ويبين الرابط بينهما بقوله: (ليس محرمًا).

قول الأصوليين في التشبيه (وكذا):

قال علاء الدين البخاري (١): "اعلم أن الاستعارة في اصطلاح علماء المعاني والبيان عبارة عن نوع من المجاز، وهي أن تذكر أحد طرفي التشبيه وتريد الطرف الآخر مدعيًا دخول المشبه في جنس المشبه به … وإنما سموا هذا النوع من المجاز استعارة للتناسب بينه وبين معنى الاستعارة، وذلك لأن المتكلم متى ادعى في المشبه كونه داخلاً في حقيقة المشبه به فردًا من أفرادها برز فيما صادف من جانب المشبه به" (٢).

وقال أكثر أهل الأصول: إن طريقه واحد، وهو المشابهة. ولهذا قال أهل الأدب: إن الاستعارة والمجاز تشبه، بدون حرف التشبيه للمبالغة فيه. وإذا كان حرف التشبيه مذكورًا فهو حقيقة تشبيه، وليس بمجاز، لأن الكاف والمثل والنظير وضعت للتشبيه بين الشيئين حقيقة (٣).

ومثل الآمدي (٤) بأن التشبيه بالكاف تشبيه حقيقةً فقال: "أما قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [سورة الشورى: ١١] فهو حقيقة في نفي التشبيه; إذ الكاف للتشبيه" (٥).

موافقة البناء للمذهب: نعم، البناء موافق للمذهب، لأن فقهاء الحنابلة اتفقوا على حكم النظر في هذه المسائل بشكل متوافق على تحريم النظر لقول المرداوي: "فلا ينظر إلى أم المزني بها، ولا إلى ابنتها، ولا إلى بنت الموطوءة بشبهة. قاله المصنف، والشارح، وصاحب «الفائق»، وغيرهم" (٦)، هذا والله أعلم.


(١) هو: عبد العزيز بن أحمد بن محمد البخاري، الإمام البحر في الفقه والأصول، تفقه على عمه الإمام محمد النايمرغي، وأخذ عنه علاء الدين أبو نصر محمد بن محمود الشرغي الحافظي، من تصانيفه: (شرح أصول الفقه للبزدوي)، و (شرح أصول الأخسيكتي). ينظر: الجواهر المضية في طبقات الحنفية (١/ ٣١٧/ ٣١٨)، الأعلام، للزركلي (٤/ ١٣).
(٢) ينظر: كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام (٢/ ٨٧).
(٣) ميزان الأصول في نتائج العقول (١/ ٣٧٣).
(٤) هو: الإمام العَلاّمة سيف الدين أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد بن سالم التَّغْلِبي الآمدي، الأصولي المتكلم الشافعي، وكان أولاً حنبليًّا فتشفّع واشتغل على ابن فَضْلَان وغيره، ودخل مصر وتصدّر للإقراء، ثم وقع التعصب عليه، فخرج من القاهرة مستخفيًا، وقدم إلى حماة ثم إلى دمشق، ودرَّس بالمدرسة العزيزية، ومصنّفاته فوق العشرين، منها: "الإحكام" في أصول الفقه، و"المحصول" فيه أيضًا، و"أبكار الأفكار" في الكلام، و"المنتهى"، و"منائح القرائح"، وغير ذلك، ومؤلفاته كلها في غاية التنقيح والتحرير. توفي سنة ٦٣١ هـ. ينظر: سلم الوصول إلى طبقات الفحول (٢/ ٣٤٦)، طبقات الشافعية الكبرى (٨/ ٣٠٦)، الأعلام، للزركلي (٤/ ٣٣٢).
(٥) الإحكام، للآمدي (١/ ٤٧).
(٦) الإنصاف (٢٠/ ٣٨) وينظر: الإقناع (٣/ ١٥٨).

<<  <   >  >>