الأَوْزَاعِيُّ الزُّهَّادَ، فَقَالَ:
مَا نَزِيْدُ أَنْ نُرِيْدَ مِثْلَ هَؤُلاَءِ (١) .
فَقَالَ سَعِيْدٌ: مَا رَأَيْتُ أَزْهَدَ مِنْ سُلَيْمَانَ الخَوَّاصِ، وَمَا شَعَرَ أَنَّهُ فِي المَجْلِسِ، فَقنَّعَ سُلَيْمَانُ رَأْسَهُ، وَقَامَ.
فَأَقْبَلَ الأَوْزَاعِيُّ عَلَى سَعِيْدٍ، وَقَالَ: وَيْحَكَ! لاَ تَعقِلُ مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِكَ! تُؤْذِي جَلِيْسَنَا تُزَكِّيهِ فِي وَجْهِهِ.
وَقِيْلَ لِسُلَيْمَانَ: قَدْ شَكَوْكَ أَنَّك تَمُرُّ، وَلاَ تُسَلِّمُ.
قَالَ: وَاللهِ، مَا ذَاكَ لِفَضْلٍ أَرَاهُ عِنْدِي، وَلَكِنِّي شِبْهُ الحُشِّ إِذَا ثَوَّرْتَه ثَارَ، وَإِذَا جلَسْتُ مَعَ النَّاسِ، جَاءَ مِنِّي مَا أُرِيْدُ وَمَا لاَ أُرِيْدُ.
وَيُقَالُ: إِنَّ سَعِيْدَ بنَ عَبْدِ العَزِيْزِ زَارَ الخوَّاصَ لَيْلَةً فِي بَيْتِهِ بِبَيْرُوْتَ، فَرَآهُ فِي الظُّلْمَةِ، فَقَالَ: ظُلْمَةُ القَبْرِ أَشَدُّ.
فَأَعْطَاهُ دَرَاهِمَ، فَرَدَّهَا، وَقَالَ: أَكرَهُ أَنْ أُعَوِّدَ نَفْسِي مِثْلَ دَرَاهِمِكَ، فَمَنْ لِي بِمِثْلِهَا إِذَا احْتَجْتُ.
فَبَلَغَ ذَلِكَ الأَوْزَاعِيَّ، فَقَالَ: دعُوْهُ، فَلَو كَانَ فِي السَّلَفِ، لَكَانَ عَلاَّمَةً.
٢٤ - سَلْمُ بنُ مَيْمُوْنٍ الخَوَّاصُ *
هُوَ أَصْغَرُ مِنْ سُلَيْمَانَ الخَوَّاصِ.
حَدَّثَ عَنْ: مَالِكٍ، وَالقَاسِمِ بنِ مَعْنٍ، وَسُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ.
رَوَى عَنْهُ: أَحْمَدُ بنُ ثَعْلَبَةَ، وَعَمْرُو بنُ أَسْلَمَ الطَّرَسُوْسِيُّ، وَغَيْرُهُمَا.
قَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبِيُّ: رَأَيْتُ كَأَنَّ القِيَامَةَ قَدْ قَامتْ، وَكَأَنَّ مُنَادِياً يُنَادِي: أَلاَ لِيَقُمِ السَّابِقُوْنَ.
فَقَامَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، ثُمَّ نَادَى: أَلاَ لِيَقُمِ
(١) في " الحلية " ٨ / ٢٧٦: ما نريد أن نرى في دهرنا مثل هؤلاء.
(*) الضعفاء للعقيلي: ٧٣، الجرح والتعديل: ٤ / ٢٦٧، ٢٦٨، كتاب المجروحين: ١ / ٣٤٥، حلية الأولياء: ٨ / ٢٧٧ - ٢٨١، طبقات الصوفية للسلمي: ٤٤، ميزان الاعتدال: ٢ / ١٨٦، الطبقات الكبرى للشعراني: ٥٣.