تَقَاذَفَتْ بِهِ البِلاَدُ إِلَى الهِنْدِ، ثُمَّ إِلَى كِرْمَانَ، ثُمَّ إِلَى أَعْمَالِ العِرَاقِ، وَسَاقَ إِلَى أَذْرَبِيْجَانَ، فَاسْتولَى عَلَى كَثِيْرٍ مِنْهَا، وَغدَرَ بِأَتَابَك أُزبكَ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ بلاَدِهِ، وَأَخَذَ زَوجَهُ ابْنَةَ السُّلْطَانِ طُغْرِلَ، فَتَزَوَّجَهَا، ثُمَّ عمِلَ مَصَافّاً مَعَ الكُرْجِ، فَطَحَنَهُم، وَقَتَلَ مُلوكَهُم، وَقوِيَ مُلكُهُ، وَكثُرَتْ جُمُوْعُهُ، ثُمَّ فِي الآخِرِ تَلاَشَى أَمرُهُ لَمَّا كَسرَهُ الملكُ الأَشْرَفُ مُوْسَى، وَصَاحِبُ الرُّوْمِ بِنَاحيَةِ أَرْمِيْنِيَةَ، ثُمَّ كَبَسَتْهُ التَّتَارُ لَيْلَةً، فَنَجَا فِي نَحْوٍ مِنْ مائَةِ فَارِسٍ، ثُمَّ تَفرَّقُوا عَنْهُ، إِلَى أَنْ بَقِيَ وَحْدَهُ، فَأَلَحَّ فِي طَلَبِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنَ التَّتَارِ، فَثَبَتَ لَهُم، وَقَتَلَ اثْنَيْنِ، فَأَحجَمُوا عَنْهُ، وَصعِدَ فِي جَبلٍ بِنَاحيَةِ آمدَ يَنْزِلُهُ أَكرَادٌ، فَأَجَارَهُ كَبِيْرٌ مِنْهُم، وَعرَفَ أَنَّهُ السُّلْطَانُ، فَوَعَدَهُ بِكُلِّ خَيْرٍ، فَفَرحَ الكُرْدِيُّ، وَذَهَبَ لِيُحضِرَ خَيلاً لَهُ، وَيُعلِمَ بنِي عَمِّهِ، وَتركَهُ عِنْدَ أُمِّهِ، فَجَاءَ كردِيٌّ فِيْهِ جُرَأَةٌ، فَقَالَ: ليش (١) تخلُّوا هَذَا الخُوَارِزْمِيَّ عِنْدَكُم؟
قِيْلَ: اسكُتْ، هَذَا هُوَ السُّلْطَانُ.
فَقَالَ: لأَقتُلَنَّهُ، فَقَدْ قتلَ أَخِي بِخِلاَطَ.
ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ بِحَربَةٍ قَتَلَهُ فِي الحَالِ، فِي نِصْفِ شَوَّالٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
١٩٩ - أَبُو مُحَمَّدٍ الرَّوَابطِيُّ *
مِنْ كِبَارِ الزُّهَّادِ بِالأَنْدَلُسِ.
أَخَذَ عَنْهُ: ابْنُ مَسْدِيٍّ.
وَقَالَ: مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، كَانَ يَسيحُ بِثُغُورِ الأَنْدَلُسِ، يَأْوِي فِي مَسَاجِدِ البِرِّ، لَهُ كَرَامَاتٌ، أُسِرَ إِلَى طرطوشَةَ وَقَيَّدُوْهُ، فَقَامَ النَّصْرَانِيُّ لَيْلَةً فَرَآهُ يُصَلِّي وَقَيْدُهُ إِلَى جَنْبِهِ، فَتَعَجَّبَ، فَلَمَّا
(١) لفظة عامية معناها: لاي شيء.(*) لم نعثر له على ترجمة في " تاريخ الإسلام ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute