قُلْتُ: قَدْ كَانَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُرَتِّلُ كَلاَمَهُ، وَيُفَسِّرُهُ؛ فَلَعَلَّهُ قَالَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ مَا يُكْتَبُ فِي جُزْءٍ؛ فَذَكَرَ أَكْبَرَ الكَوَائِنِ، وَلَوْ ذَكَرَ أَكْثَرَ مَا هُوَ كَائِنٌ فِي الوُجُوْدِ لَمَا تَهَيَّأَ أَنْ يَقُوْلَهُ فِي سَنَةٍ، بَلْ وَلاَ فِي أَعْوَامٍ، فَفَكِّرْ فِي هَذَا.
مَاتَ حُذَيْفَةُ: بِالمَدَائِنِ، سَنَةَ سِتٍّ وَثَلاَثِيْنَ، وَقَدْ شَاخَ.
قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: بَعَثَ عُمَرُ حُذَيْفَةَ عَلَى المَدَائِنِ، فَقَرَأَ عَهْدَهُ عَلَيْهِم.
فَقَالُوا: سَلْ مَا شِئْتَ.
قَالَ: طَعَاماً آكُلُهُ، وَعَلَفَ حِمَارِي هَذَا - مَا دُمْتُ فِيْكُمْ - مِنْ تِبْنٍ.
فَأَقَام فِيْهِم مَا شَاءَ اللهُ؛ ثُمَّ كَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: اقْدُمْ.
فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ قُدُوْمُهُ، كَمَنَ لَهُ عَلَى الطَّرِيْقِ؛ فَلَمَّا رَآهُ عَلَى الحَالِ الَّتِي خَرَجَ عَلَيْهَا، أَتَاهُ، فَالْتَزَمَهُ، وَقَالَ: أَنْتَ أَخِي، وَأَنَا أَخُوْكَ (١) .
مَالِكُ بنُ مِغْوَلٍ: عَنْ طَلْحَةَ:
قَدِمَ حُذَيْفَةُ المَدَائِنَ عَلَى حِمَارٍ، سَادِلاً رِجْلَيْهِ، وَبِيَدِهِ عَرْقٌ وَرَغِيْفٌ (٢) .
سَعِيْدُ بنُ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ: عَنْ عِكْرِمَةَ: هُوَ رَكُوْبُ الأَنْبِيَاءِ، يَسْدِلُ رِجْلَيْهِ مِنْ جَانِبٍ.
أَبُو بَكْرٍ بنُ عَيَّاشٍ: سَمِعتُ أَبَا إِسْحَاقَ يَقُوْلُ:
كَانَ حُذَيْفَةُ يَجِيْءُ كُلَّ جُمُعَةٍ مِنَ المَدَائِنِ إِلَى الكُوْفَةِ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فَقُلْتُ لَهُ: يُمْكِنُ هَذَا؟
قَالَ: كَانَتْ لَهُ بَغْلَةٌ فَارِهَةٌ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بنُ
(١) ذكره في " كنز العمال " ١٣ / ٣٤٣، ونسبه إلى ابن سعد، وابن عساكر.
(٢) ابن سعد ٧ / ٣١٧، و" حلية الأولياء " ١ / ٢٧٧.