مَا وَلَدَتْ نَجِيْبَةٌ مِنْ فَحْلِ ... بِجَبَلٍ نَعْلَمُهُ أَوْ سَهْلِ
كَسِتَّةٍ مِنْ بَطْنِ أُمِّ الفَضْلِ ... أَكْرِمْ بِهَا مِنْ كَهْلَةٍ وَكَهْلِ
قَالَ الكَلْبِيُّ: مَا رَأَيْنَا وَلَدَ أُمٍّ قَطُّ أَبْعَدَ قُبُوْراً مِنْ بَنِي العَبَّاسِ.
وَمِنْ أَوْلاَدِ العَبَّاسِ: كَثِيْرٌ - وَكَانَ فَقِيْهاً - وَتَمَّامٌ - وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ قُرَيْشٍ - وَأُمَيْمَةُ؛ وَأُمُّهُمْ أُمُّ وَلَدٍ، وَالحَارِثُ بنُ العَبَّاسِ؛ وَأُمُّهُ: حُجَيْلَةُ بِنْتُ (١) جُنْدَبٍ التَّمِيْمِيَّةُ (٢) .
فَعِدَّتُهُمْ عَشْرَةٌ.
الوَاقِدِيُّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ يَزِيْدَ الهُذَلِيُّ، عَنْ أَبِي البَدَّاحِ بنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عُوَيْمِ بنِ سَاعِدَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:
أَتَيْنَا النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقِيْلَ: هُوَ فِي مَنْزِلِ العَبَّاسِ.
فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ، فَسَلَّمْنَا، وَقُلْنَا: مَتَى نَلْتَقِي؟
فَقَالَ العَبَّاسُ: إِنَّ مَعَكُمْ مِنْ قَوْمِكُمْ (٣) مَنْ هُوَ مُخَالِفٌ لَكُمْ، فَأَخْفُوا أَمْرَكُمْ حَتَّى يَنْصَدِعَ هَذَا الحَاجُّ، وَنَلْتَقِيَ نَحْنُ وَأَنْتُمْ، فَنُوْضِحُ لَكُمُ الأَمْرَ، فَتَدْخُلُوْنَ عَلَى أَمْرٍ بَيِّنٍ.
فَوَعَدَهُمُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَيْلَةَ النَّفْرِ الآخِرِ بِأَسْفَلِ العَقَبَةِ، وَأَمَرَهُمْ أَلاَّ يُنَبِّهُوا نَائِماً، وَلاَ يَنْتَظِرُوا غَائِباً (٤) .
وَعَنْ مُعَاذِ بنِ رِفَاعَةَ، قَالَ:
فَخَرَجُوْا بَعْدَ هَدْأَةٍ يَتَسَلَّلُوْنَ، وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى ذَلِكَ المَكَانِ، مَعَهُ عَمُّهُ العَبَّاسُ وَحْدَهُ.
قَالَ: فَأَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ هُوَ، فَقَالَ:
يَا مَعْشَرَ الخَزْرَجِ! قَدْ دَعَوْتُمْ مُحَمَّداً إِلَى مَا دَعَوْتُمُوْهُ، وَهُوَ مِنْ أَعَزِّ النَّاسِ فِي عَشِيْرَتِهِ، يَمْنَعُهُ -وَاللهِ- مَنْ كَانَ مِنَّا عَلَى
(١) في الأصل " ابن " وهو خطأ.
(٢) " طبقات ابن سعد " ٤ / ٦، وانظر " المجمع " ٩ / ٢٧١.
(٣) في الأصل " من قومهم ".
(٤) " طبقات ابن سعد " ٤ / ٧، والزيادة منه.