أحدهما: المفرِطُ في جمع (١) الدنيا، ومنعِها عن صرفها في حقها، وهو ما تقدم.
والآخر: للمقتصد في أخذها، والانتفاع بها، وهو قوله:"إلا آكلةَ الخَضر"؛ فإن (٢) الخضر (٣) ليس (٤) من أحرار البقول التي يُنبتها الربيع، ولكنها من الجَنَبَةِ، والجنبةُ: ما فوق البقل، و (٥) دون الشجر التي ترعاها المواشي بعد هيج البقول، فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - آكلة الخضر من المواشي مثلاً لمن يقتصد في أخذ الدنيا وجمعها، ولا يحمله الحرصُ على أخذها بغير حقها، فهو ينجو من وَبالها كما نجت آكلةُ الخضر، ألا تراه قال:"استقبلَتْ عينَ الشمسِ"؛ أي: إذا شبعتْ، تركت، فهي تستمري، وتثلط، فإذا ثلطت، زال منها الحبطُ، وإنما تحبط الماشية؛ لأنها لا تثلط ولا تبول (٦).
(إِلَاّ آكلةَ الخضر (٧)): أكثر (٨) الروايات فيه هكذا بإلا الاستئنائية.
ويروى:"أَلا" -بتخفيف اللام وفتح الهمزة- على أنها استفتاحية، كأنه قال: ألا انظروا آكلةَ الخَضر، واعتبروا شأنها.
(١) في "ج": "جميع". (٢) في "ج": "قال". (٣) "فإن الخضر" ليست في "ن" و"ع". (٤) في "ن"و "ع": "ليست". (٥) "و" ليست في "ج". (٦) انظر: "التنقيح". (٧) في "ع": "الخضراء". (٨) "أكثر" ليست في "ع".