المقدار المدعُوِّ به، وليس كذلك، إنما التكرارُ تأكيد، والمعنى واحد، وأما حديثُ المدينة، فقد نص فيه على زيادة المقدار، فقال:"ضِعْفَي ما جعلتَ بمكةَ من البركة"، فهذا نصٌّ في عين المسألة.
ثم قال: ومن أعظم فضائل (١) المدينة (٢) عندي: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يستعيذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْر؛ أي: من النقصان بعدَ الزيادة، فلو كانت مكة أفضلَ من المدينة، والمدينةُ آخرَ المسكنين؛ للزم النقصانُ بعدَ الزيادة، والأمرُ على الضد، إنما كان -عليه السلام- يزيدُ فضلُه عند الله، ولا ينقص، فدل على أن المدينة أزيدُ فضلاً.
* * *
باب: كراهيةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَعْرى المدينةُ
(أن تُعْرَى المدينة): بسكون العين المهملة وتخفيف الراء.
قال القاضي: ورواه المستملي في كتاب: الصلاة: "تُعَرَّى" -بفتح العين وتشديد الراء-، والصواب الأول، ومعناه تُخَلَّى فَتُترك، والعراء: الفضاء من الأرض الخالي الذي لا يستره شيء، قال الله تعالى: {فَنَبَذْنَاهُ
(١) في "ع" و"ج": "الفضائل". (٢) "المدينة" ليست في "ع" و"ج".