(ثم قرأت: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ}): ليس فيها دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يَرَ ربَّه، وقد قيل: إن الإدراك (١): الإحاطةُ؛ كما في قوله تعالى:{قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ}[الشعراء: ٦١]، وقوله تعالى:{حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ}[يونس: ٩٠]، فالمنفي إحاطةُ الأبصار، لا مجردُ الرؤية، بل في تخصيص الإحاطةِ بالنفي (٢) ما يدل على الرؤية (٣)، أو يُشْعِر بها؛ كما تقول: لا تحيطُ به الأفهام (٤)، وأصل المعرفة حاصل.
({وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}): وهذه الآية ليست نصًا في الدلالة على نفي الرؤية مطلقًا، وإنما تدل على أن البشر لا يرى اللهَ في حال التكلم، فنفيُ الرؤيةِ مقيدٌ (٥) بهذه الحالة دونَ غيرها.
* * *
باب {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}[النجم: ١٨]