هي الغسل، وجوزوا فيه الرفعَ والنصب، فالرفع على أنه مبتدأ، والخبر محذوف، تقديره: والوضوءُ مقتَصرٌ عليه، ولو قدروا (١): الوضوءُ أيضًا مما يُنكر؛ أي: وإفراد (٢) الوضوء، فحذف المضاف؛ لأن قوله: فلم أزد على أن توضأت يدل على أنه اقتصر على الوضوء؛ لكان حسنًا.
قال الزركشي: والنصب على أنه مفعول بإضمار فعل تقديره: أتخصُّ الوضوءَ دونَ الغسل؟! والواو عوض من همزة الاستفهام؛ كما قرأ ابن كثير:{قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنْتُمْ بِهِ}[الأعراف: ١٢٣].
قلت: تخفيف الهمزة بإبدالها واوًا صحيح؛ لوقوعها مفتوحة بعد ضمة، وأما في الحديث، فليس كذلك؛ لوقوعها مفتوحة بعد فتحة، فلا وجه لإبدالها فيه واوًا، ولو جعله على حذف الهمزة؛ أي: أَوَ تخصُّ الوضوءَ أيضًا؟ لجرى على مذهب الأخفش في جواز حذفها قياسًا عند أَمْنِ اللَّبْس، والقرينةُ الحاليةُ المقتضيةُ للإنكار شاهدةٌ بذلك، فلا لَبْس.
ثم نقلُ الزركشي عن ابن السِّيد: أنه روي (٣) بالرفع، على لفظ الخبر، والصواب: آلوضوءُ -بالمد- على لفظ الاستفهام؛ كقوله تعالى:{ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ}[يونس: ٥٩](٤).
قلت: نقلُ كلامِ ابن السِّيدِ بقصدِ (٥) توجيهِ ما في البخاري به غلطٌ؛
(١) في "ج": "قدر". (٢) في "ع" و "ج": "وأفرد". (٣) في "ع": "يروى". (٤) انظر: "التنقيح" للزركشي (١/ ٢٣٦). (٥) في "ع": "يقتضي".