(من ادَّعى إلى غير أبيه، وهو يعلم أنه غيرُ أبيه، فالجنةُ عليه حرامٌ): استشكله الطبري بأن جماعةً من الأخيار قد فعلوه؛ كالمقدادِ بنِ الأسود، وإنما هو المقدادُ بنُ عَمْرٍو.
وأجاب: بأن الجاهلية كانوا لا يستنكرون أن يتبنى الرجل غيرَ ابنه الّذي خرجَ من صلبه، فيُنسب (١) إليه، ولم يزل ذلك في أول الإسلام، حتّى نزل:{وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ}[الأحزاب: ٤]، ونزلت:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ}[الأحزاب: ٥]، فغلب على بعضهم النسبُ الذي كان يدعى به قبل الإسلام، فصار إنما يُذكر للتعريف بالأَشْهَر، من غير أن يكونَ من الدعوى [التي] تحول عن نسبه الحقيقي، فلا نقيصة عليه؛ إذ الوعيدُ المذكور إنما تعلَّق بمن انتسبَ إلى غير أبيه على علمٍ منه بأنه ليس أباه (٢).
* * *
٢٨٧٥ - (٦٧٦٨) - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عِرَاكٍ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ:"لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ أَبيهِ، فَهُوَ كُفْرٌ".
(فمن رغبَ عن أبيه، فقد كَفَرَ): ويروى: "فهو كفرٌ".
قيل: ليس الكفر الذي يستحق عليه (٣) الخلودَ في النار، وإنما (٤) هو
(١) في "ع" و"ج": "فنسب". (٢) انظر: "التوضيح" (٣٠/ ٥٨٧). (٣) في "ع" و"ج": "عليهم". (٤) في "ع" و"ج": "إنما".