عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْها -، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ:"لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ خَبُثَتْ نَفْسِي، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: لَقِسَتْ نَفْسِي".
(لا يقولن أحدكم: خَبُثت نفسي): بفتح الخاء المعجمة (١) وضم الباء الموحدة. ووقع في بعض الأصول بفتح الباء.
(ولكِن ليقلْ: لَقِسَتْ نفسي): بكسر القاف.
كره النبي - عليه الصلاة والسلام - اللفظ الأول؛ لما فيه من بشاعة لفظ الخبث وقبحِه، فعدل إلى اللفظ السالم من (٢) هذه البشاعة، وهو لَقِسَتْ؛ إذ معناه: غثت.
وقال أبو عبيد: خَبُثَتْ ولَقِسَتْ واحدٌ، لكنه استقبحَ لفظَ خبثت؛ فإنه كان يعجبه (٣) الاسم الحسن، ويتفاءل به، ويكره الاسم القبيح، ويغيره (٤).
قلت: إن صحَّ هذا، قدح في قولهم: إنه يجوز في كل لفظين مترادفين أن يوضع أحدُهما مكان الآخر.
قيل: وهذا النهي إنما هو محمولٌ على الأدب، لا على الإيجاب، فقد قال - عليه السلام - في الذي يعقد الشيطان على قافيةِ رأسه:"أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلانَ"(٥).
(١) "المعجمة" ليست في "ع". (٢) في "م": "عن". (٣) في "ع" و"ج": "خبثت فكأنه قال يعجبه". (٤) انظر: "غريب الحديث" (٣/ ٣٣٤). (٥) رواه البخاري (٣٢٦٩)، ومسلم (٧٧٦) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وانظر: "التوضيح" (٢٨/ ٥٩٦).