الرُّوحِ، فَأَمْسَكَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ مَقَامِي، فَلَمَّا نَزَلَ الْوَحْيُ، قَالَ:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء: ٨٥].
(فسألوه عن الروح، فأمسك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فلم يردَّ عليهم شيئًا، فعلمتُ أنه يُوحى إليه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحي، قال:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}): التلاوة: {وَيَسْأَلُونَكَ} بإثبات الواو، وظاهر هذا السياق أن الوحي لم يتأخر.
وفي "مغازي ابن إسحاق": أنه تأخر خمسَ عشرةَ ليلةً.
قيل: ولهذا قال القاضي: قوله: فلما نزل الوحي، كذا ثبت في "صحيح مسلم"(١) -أيضًا-، وهو وهمٌ بَيِّنٌ؛ لأنه إنما جاء هذا القول عند انكشاف الوحي، وفي "البخاري" في كتاب: الاعتصام: فلما صعد الوحي، وهو صحيح (٢).
قلت: هذه الإطلاقاتُ صعبةٌ في الأحاديث الصحيحة، لاسيما ما اجتمع على (٣) تخريجه الشيخان، ولا أدري ما هذا الوهم، ولا كيف هو، ولما: حرف وجود لوجود؛ أي: إن مضمون الجملة الثانية وُجد لأجل وجود (٤) مضمون الأولى؛ كما تقول (٥): لما جاءني زيد، أكرمته، فالإكرام وجد لوجود المجيء، كذلك تلاوته -عليه السلام- لقوله تعالى:
(١) رواه مسلم (٢٧٩٤). (٢) رواه البخاري (٧٢٩٧) عن ابن مسعود - رضي الله عنه -. وانظر "مشارق الأنوار" (١/ ١٧). (٣) في "ج": "في". (٤) "وجود" ليست في "ع" و"ج". (٥) في "ع": "كما يقال".