وقيل: كان -عليه السلام- حين قال هذا القول بأرض تبوك، وكانت المدينة ومكة والحجاز من جهة اليمن، فقال ذلك في المدينة وما والاها (١) إلى أرض اليمن، وقيل: أراد: المدينةَ ومكةَ.
وقال أبو عبيد: إنما بدأ الإيمان من مكة؛ لأنها مولد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومبعثُه، ثم هاجر إلى المدينة، ويقال: إن مكة من أرض تهامة، وتهامة من أرض اليمن، ولهذا تسمى مكةُ وما وليها من أرض اليمن: التهائمَ، فمكةُ على هذا يمانيةٌ.
وقيل: أراد الأنصار؛ لأنهم يمانون، وقد نصروا المؤمنين وآووهم، فنسب الإيمان إليهم (٢).
وأغربُ من هذا قولُ الحكيم الترمذي: إنه إشارة إلى أُويس القرني.
قال ابن الصلاح: ولو جمع أبو عبيد ومن سلك سبيلَه طرقَ هذا (٣) الحديث كما جمعها مسلمٌ وغيرُه وتأملوها، لصاروا إلى غير ما ذكروه، ولَمَا (٤) تركوا الظاهر، ولقضوا بأن المراد: اليمنُ وأهلُه على ما هو المفهوم من إطلاق ذلك؛ إذ من ألفاظه:"أَتَاكُمْ أَهْلُ اليَمَنِ"، والأنصارُ من جملة المخاطَبين بذلك، فهم إذن غيرُهم (٥).
وكذا:"جَاءَ أَهْلُ اليَمَنِ"، وإنما جاء حينئذ غيرُ الأنصار، ثم إنه وَصَفَهم
(١) في "م": "ولاها". (٢) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (٢/ ١٦١). (٣) "هذا" ليس في "م". (٤) في "ع": "ولو". (٥) في "ع": "غيركم".