١٦٨٩ - (٣٠٩٣) - فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:"لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ". فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ، فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سِتَّةَ أَشْهُرٍ، قَالَتْ: وَكَانَتْ فَاطِمَةُ تَسْأَلُ أَبَا بَكْرٍ نَصِيبَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ خَيْبَرَ وَفَدَكٍ، وَصَدَقَتِهِ بِالْمَدِينَةِ، فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ عَلَيْهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: لَسْتُ تَارِكاً شَيْئاً كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْمَلُ بِهِ إلَاّ عَمِلْتُ بِهِ، فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئاً مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ. فَأَمَّا صَدَقَتُهُ بِالْمَدِينَةِ، فَدَفَعَهَا عُمَرُ إِلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ، فَأَمَّا خَيْبَرُ وَفَدَكٌ، فَأَمْسَكَهَا عُمَرُ، وَقَالَ: هُمَا صَدَقَةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، كَانَتَا لِحُقُوقِهِ الَّتِي تَعْرُوهُ وَنَوَائِبِهِ، وَأَمْرُهُمَا إِلَى مَنْ وَلِيَ الأَمْرَ، قَالَ: فَهُمَا عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ.
(لا نورث ما تركنا صدقة): "نُورَثُ" -بالنون-، و"صدقَةٌ" مرفوع خبر المبتدأ، وحَرَّفَه (١) الإماميةُ فقالوا" "لا يورث" -بالياء (٢) -، و"صدقَةً" -منصوب على الحال (٣) -، و"ما تركنا" مفعول ما لم يُسم فاعله، وهذا تحريف يُخرج الكلام عن نمط الاختصاص الذي دلَّ عليه قوله في بعض الطُّرق: "نَحْنُ مَعاشِرَ الأَنْبِياءِ" (٤).
قال سيبويه: في هذا وأمثاله نصب على التخصيص، ويعود الكلام بما حرفوه إلى أمر لا يختص به الأنبياء؛ لأن آحادَ الأمة إذا وقفوا أموالهم،
(١) في "ع": "وحرمه". (٢) "بالياء" ليست في "ع". (٣) "الحال" ليست في "ج". (٤) انظر: "التوضيح" (١٨/ ٣٧٩).