قال القاضي: وأَما روايةُ "هجر": فظن قومٌ أنها بمعنى هَذَى، فركبوا شَطَطاً، واحتاجوا إلى تأويلها، والصواب أنها على (١) حذف الألف، وأما رواية:"أَهُجْرٌ؟ " -على الاستفهام-، وهو رواية المستملي، فيحتمل رجوعُه إلى المختلفين عنده - صلى الله عليه وسلم -، ومخاطبة بعضِهم بعضاً (٢).
وقال صاحب "مرآة الزمان": لعل هذا من تحريف الرواية، ويحتمل أن يكون معناه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هَجَرَكم؛ من الهَجْر الذي هو ضدُّ الوَصْل؛ لما قد وردَ عليه من الواردات الإلهية، ولهذا قال:"في الرَّفيقِ الأَعْلَى"، ألا ترى إلى قوله:"دَعُوني؛ فالذي أنا فيه خَيْرٌ [ممَّا أنتم عليه] "؟
وقيل: هو استفهام على وجه الإنكار على من ظَنَّه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك الوقت؛ لشدة المرض عليه.
قال صاحب "النهاية": أي: أتغيرَ كلامُه بسبب المرض؟ على سبيل الاستفهام، وهذا أحسنُ ما يُقال فيه؛ إذ (٣) لا يُظن بقائله ذلك (٤).
وقيل: معناه: أُغمي عليه (٥)، فهو يقولُ ما يقول من شدة الوجع؛ فإن المريضَ ربما يتكلم بما لا يعلم، ظنوا أن ذلك كذلك (٦).
(١) في "ع" و"ج": "على أنها". (٢) انظر: "الشفا" للقاضي عياض (٢/ ١٩٢ - ١٩٣). (٣) في "ع" و"ج": "أي". (٤) انظر: "النهاية في غريب الحديث" (٥/ ٢٤٥). (٥) "عليه" ليست في "ع". (٦) انظر: "التنقيح" (٢/ ٦٧٣).